شماره بازیابی : 51-81060
وضعیت نمایه سازی : اطلاعات ثبت
شماره کتابشناسی ملی : 2870819
عنوان و نام پديدآور : تحریر المجله، تالیف آیةاله فقید محمدحسین آل کاشف الغطاء
مقطع و رشته تحصیلی : قضائی. عربی
ملاحظات: اين كتاب در كتاب فروشى نجاح در تهران و كتابفروشى فيروزآبادى در قم افست شده است.
مشخصات نشر : عراق. نجف اشرف، المكتبة المرتضوية.1359. ج 5
مشخصات ظاهری : 1146 ورق.
ص: 1
ص: 2
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّٰه و كفى و سلام على عباده الذين اصطفى «و بعد» فهذا هو [الجزء الخامس] الذي عزمنا بتوفيقه تعالى ان نلحقه بالاجزاء الأربعة التي استوفينا بها (تحرير المجلة) و يتكفل هذا الجزء أيضا بما لم تذكره المجلة أصلا و يستدرك ما فاتها من عقود الأنكحة و الطلاق و اقسامه و احكامه و العدد و النفقات و أنواعه و توابعه كالظهار و اللعان و الإيلاء ثم الوصية و الدين و الوقف، إذاً فهو يشتمل على خمسة كتب «1» النكاح «2» الطلاق و أنواعه و توابعه «3» الدين «4» الوصية «5» الوقف
تمهيد و مقدمة في مبدأ الحياة العائلية و تكوين الأسرة من المعلوم لكل ذي لب ان مبدأ الحياة الزوجية هو اقتران الرجل بالمرأة و به تتكون الأسرة بالاسرة تتكون الأمة و بالأمم
ص: 3
تتكون القافلة البشرية.
و حذراً من الانتشار و الفوضى و ضياع الغرض المقصود منه جعلت له الشرائع السماوية حدوداً و قيودا كي لا يكون ذلك الاقتران عطلا كقران البهائم تضيع فيه الأنساب و لا تتكون الأسر منه و العائلات فاللازم «أولا» معرفة حقيقة هذا القرآن و جوهر معنى الزواج بأسلوب بكر لم يسبق اليه، فنقول: لعل أصح تعبير و أقربه إلى الكشف عن هذه الحقيقة الغامضة و العلاقة الخاصة ان يقال: انها كمال ثانوي طبيعي للإنسان، و إيضاح هذا يحتاج الى فضل بيان- هو ان الإنسان ذكرا كان أو أنثى يكاد يكون بالنظر الى وجوده الشخصي و هيكله المحسوس قد خلق ناقصا في حد ذاته يعني خلق نصفا خداجا، و شقا محتاجا، فهو لأجل الغاية التي خلق من أجلها في حاجة ماسة إلى شق آخر يستكمل به و يعتدل بانضمامه إليه كي يحصل له بذلك الاعتدال و التوازن فهو مثل كفة الميزان واحد مصراعي الباب ما لم يقترن بالكفة الثانية و المصراع الآخر لا ينال حظه من التوازن و الاستقامة، و لا يترتب عليه الفائدة و الثمرة المقصودة منه فاعتداله و توازنه منوط بضم عدله اليه و اقتران شقه الثاني به حتى يكمل وجوده، و يعتدل وزنه، و الا بقي شقا مائلا، و نصفا عاطلا، و لأجل أن يندفع الى طلب استكماله و يرغب و يجتهد في تحصيل اعتداله- أودع الصانع الحكيم في غريزة نوعه تلك الحالة الغريبة بل الجذوة الملتهية الى القران الجنسي
ص: 4
المودع في غريزة كل حيوان بل كل حي فضلا عن الإنسان، و لكن الإنسان بالأخص لا يكمل و لا يتم الا بتلك العلاقة و الإضافة التي هي من مقولة (الجدة) من المقولات العشر المعروفة و ليست الحكمة و الغاية من الاقتران للإنسان هي حفظ النوع و بقاء النسل فقط كما يقال بل هو أحد الغايات كما في سائر الحيوانات بل هنا ما لا يقل عن هذه الغاية- نعم هنا غاية سامية اخرى و هي ان الإنسان الذي يقولون انه مدني بالطبع- لشد ما يحتاج الى التعاون طلبا للحياة السعيدة و لا يحصل ذلك الا بالاسرة و العائلة إذاً فالزوجية سعادة الحياة، و كمال طبيعي للإنسان، و من هنا تجد عامة الشرائع السماوية فضلا عن اندفاع عامة البشر بطباعها اليه- قد ندبت اليه و جعلته ناموسا من نواميسها و أصلا من أصولها بين مغال جعله واجبا كما عن الموسوية، و متساهل به كما ترى من المسيحية التي جعلت الرهبانية و التبتل و عزلة أحد الجنسين عن الآخر عبادة و زلفى و حفظ اللّٰه الشريعة الإسلامية المقدسة فقد جاءت وسطا بين هاتيك الشريعتين كما هو شأنها في كل تشريعاتها و أحكامها فلم تجعل له حكما عاما باتا بل أعطت كل فرد حريته حسب ظروفه و أحواله الشخصية فقد يكون راجحا في حق واحد الى حد الوجوب و في حق آخر مرجوحا الى حد الحرمة و قد يكون لآخرين مستحبا أو مكروها، و لا تحسب ان حرمته أو وجوبه أو رجحانه تثبت له من حيث ذاته و حسب صرف طبيعته فان حكمه من هذه الناحية الرجحان
ص: 5
ابدا، و انما تتعاور عليه تلك الاحكام من حيث العوارض و الأحوال المكتنفة بالشخص الخاص فلا يحرم الا على العاجز الذي لا يقدر على اعاشة عياله و هو مع ذلك غير شديد الرغبة، أو المريض بالأمراض السارية الذي قد تنشأ منه أسره تضر بالمجتمع فيمنع من التوالد دفعا للضرر العام، كما انه لا يجب الا على الشخص الصحيح المتمكن الذي يخشى لو ترك عقد النكاح ان يقع في السفاح، و هناك البلاء المبرم عليه و على الأمة به، [عافى اللّٰه شبابنا من ذلك البلاء، و حرسهم من تلك الأدواء] اما إذا تجرد من تلك الخصوصيات فهو راجح شرعا و عقلا بأعلى مراتب الرجحان، و من هنا تعرف ان الزواج يقع برزخا بين المعاملات و العبادات فمن حيث انه محبوب للّٰه عز شأنه و قد حث عليه بل أمر به الكتاب العزيز و السنة النبوية التي تقول: من تزوج حفظ نصف دينه بعد قوله تعالى وَ أَنْكِحُوا الْأَيٰامىٰ مِنْكُمْ، و فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ، فهو عبادة و من حيث لزوم العقد فيه و جواز الفسخ بالعيوب و لزوم المهر و النفقة و حلية الاستمتاع بإزاء ذلك أشبه المعاوضات و المعاملات و ان لم يكن منها تماما، و ظهر أيضا من كل هذا ان عقد النكاح و الطلاق الذي هو حلّ له متعاكسان من حيث ذاتهما حكما فذاك محبوب ابدا و هذا مبغوض ابدا و لا يقع شي ء منهما مباح ابدا اي لا يقع واحد منهما بحد الوسط بل كل منهما اما راجح واجبا أو مستحبا، أو مرجوح حراما أو مكروها، و فرض التعادل بالكسر و الانكسار نادر بل معرفته مستحيلة
ص: 6
عادة، و علة الحدوث علة البقاء طبعا فافهم و ما ذكرناه في التعبير عن تلك النسبة الخاصة بأنها كمال طبيعي للإنسان لم نجده لأحد مع انه حقيقة ارتكازية، و قد عرفت ان الشرائع السماوية جعلت لحدوث تلك العلاقة أسبابا خاصة إذا لم تنتظم بحدود و قيود جاءت الفوضى و انحلت روابط الهيئة الاجتماعية و تداعت دعائمها من اسها، و عاد الإنسان بهيمة و الشرائع تريد ان تجعله ملاكا، فلا بد إذاً لحصول تلك العلاقة الخاصة التي يصير بها الفرد زوجا، و الإنسان الناقص كاملا- من أسباب خاصة تكون كالعلة الموجودة كما ان لها بعد تحققها و وجودها أحكاما تترتب عليها تكون كالعلة المبقية لها، و لا تتحصل تلك الإضافة الخاصة بين الحر و الحرة إلا بالزواج و عقد النكاح اما بين غيرهما فتحصل به و بسبب آخر و هو ملك اليمين إذا فحلية الوطء لا تحصل شرعا إلا بأمرين الزواج- و الملك: و الحافظون فروجهم الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم، و لكل واحد منهما مرتبة قوية. و اخرى ضعيفة، فمرتبة النكاح الضعيفة- العقد المنقطع، و مرتبة الملك الضعيفة التحليل و كل منهما ثابت بالدليل، و قد أقمنا في مؤلفاتنا الشهيرة المنشورة البراهين القاطعة على مشروعية العقد المنقطع بآية: فما استمتعتم به منهن و عدم نسخها لا بكتاب و لا سنة، نعم و مرتبة النكاح القوية هو العقد الدائم كما ان مرتبة الملك القوية هو ملك الرقبة، و حيث ان ملك اليمين موقوف على الرق و قد أبطلوه في هذه العصور و لا يقع
ص: 7
الا نادراً و كان في زمن التشريع كثيرا و من اجله كثر يومئذ اتخاذ الإماء و الجواري، و اقتناء أمهات الأولاد و السراري، و اتسع ذلك باتساع الفتوح الإسلامية، و بالطبع ان كثرة الابتلاء تستدعي كثرة الاحكام و من هنا تكثرت الفروع في الشرع و توفرت الاحكام للعبيد و الجواري و عقد الفقهاء لذلك أبوابا و كتبا مطولة و أبحاثا مفصلة، مثل كتاب نكاح الإماء و العقد عليهن و الوطي بملك اليمين و التحليل و احكام أمهات الأولاد و كتاب التدبير و العتق و المكاتبة و ما الى ذلك من مهمات كتب الفقه التي لا موضوع لها اليوم الا من ناحية علمية، لا تصل إلى ناحية عملية، و أصبح البحث عنها أشبه بالفقه التاريخي و حيث اننا لا نريد بكتابنا الا ما يحتاج إليه في مقام العمل لم نتعرض لذكر شي ء منها الا ما يجي ء عفوا و يأتي استطرادا إذاً فالمهم من كتاب النكاح نوعاه الدائم- و المنقطع فهاهنا ثلاث مراحل
اعلم ان لفظ الزواج و النكاح صار كل واحد منهما عند الشرع و المتشرعة اسما للعقد الذي تحدث منه تلك العلقة الخاصة التي يعبر عنها بالزوجية، و من هنا قيل ان كل ما ورد في القرآن لفظ
ص: 8
النكاح و ما يشتق منه فالمراد به العقد الا في قوله تعالى فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ، فان المراد منه الوطي عن عقد، و معنى هذا ان النكاح صارت له حقيقة شرعية في العقد بحيث متى أطلق أو وجد مستعملا في الكتاب و السنة يحمل على العقد الا ان تقوم قرينة على خلافه من آية أو رواية أو إجماع كما في الآية المتقدمة و القرينة أعم من المتصلة و المنفصلة، و سواء صحت تلك الكلية أم لا فقد وهم بعض أهل العصر في محاضرات له فجعل المراد من النكاح في قوله تعالى وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ هو الوطء و المراد منه في قوله تعالى حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ هو العقد- مع ان القضية معكوسة اتفاقا ..
و حيث اتضح ان النكاح هو العقد فاللازم ذكر صيغته و ألفاظه و شروطه و اقسامه و احكامه و ما يترتب عليه من الآثار المشتركة بين نوعيه اعني العلاقة المرسلة المطلقة و هي الزوجية الدائمة و العلاقة المفيدة المحدودة و هي الزوجية المنقطعة أي المتمتع بها و استيعاب البحث في العقد يستدعي النظر في أركانه العاقد و المعقودة و المعقود له اما المهر فليس من أركان العقد بل في حاشيته و من لوازمه ففي هذه المرحلة فصول.
ص: 9
و صيغته المتفق عليها زوجت أو أنكحت و يصح عند الإمامية بصيغة متعت و يشترط فيها وقوعها بهيئة الماضي و مع قصد الإنشاء و التنجيز و المطابقة بين الإيجاب و القبول و الموالاة بينهما و الاختيار
بل هو الزنا المحض
إذا كانت مفهمة عن مراده
و الإجارة و لا بشي ء من العقود مهما كانت.
أو من يقوم مقامها بل يصح ان يقول تزوجتك بكذا فتقول قبلت
فلا تكفي الترجمة مهما كانت و هذا هو الأحوط و ان كان الأقوى صحة عقد كل قوم بلسانهم.
ان يكون كل واحد منهما
ص: 10
سواء كان موجبا أو قابلا لنفسه أو لغيره عاقلا بالغا قاصدا مختارا ان كان لنفسه غير محرم و لا عابث و لا هازل
فيصح عقد السفيه لغيره مطلقا و لنفسه بإجازة الولي كما يصح عقد المكره على اجراء العقد لغيره و كذلك عقد العبد اما عقده لنفسه فموقوف على اجازة المالك، و للمرأة ان تعقد لنفسها و لغيرها
فلو رجع فلا اثر للقبول بعده و كذا لو جن أو أغمي عليه، و الإيجاب قبل اتصال القبول به كالعقد الجائز بعد تمامه يجوز نقضه اختيارا و ينتقض بالجنون و الإغماء قهراً و بالنوم و الغفلة على الأحوط، كما ان الأحوط بقاؤهما معا على الشرائط إلى تمام العقد.
ثم ان العاقد ان عقد لنفسه فتلك الشرائط كافية و ان عقد لغيره فاما ان يكون وليا أو وكيلا أو أجنبيا ففي هذا الفصل ثلاثة مقاصد
ان كانا موجودين و الا فالموجود منهما و في الدرجة الثانية منصوبهما و في الثالثة أي عند فقد الجميع فحاكم الشرع.
و لكن بشرط ان يكونا عاقلين رشيدين مسلمين حرين فلو كان أحدهما سفيها أو مجنونا أو كافرا اختصت الولاية بالآخر و لو كان أحد الموانع في كل واحد
ص: 11
منهما فالولاية لحاكم الشرع.
فلو بلغ الصبي عاقلا رشيدا زالت ولايتهما عنه و لو عرضه الجنون بعد ذلك أو السفه كانت الولاية عليه لحاكم الشرع و كذا الصبية.
فإن كانت ثيبا فلا ولاية لأحد عليها و ان كانت بكرا فأقوال الفقهاء فيها كثيرة من حيث زوال ولاية الأب و الجد عليها و عدم زوالها و أصحها ان صحة العقد موقوف على رضاها و رضا وليها فلا يصح الا برضاهما معا و لو تشاحا فحاكم الشرع.
«لا يجوز للولي أن يعضل الكبيرة مطلقا اى يمنعها من التزويج بالكفو نعم له منعها من المتعة ان كان غير لائق بشأنه».
فلو سبق أحدهما بالعقد الصحيح نفذ و ليس للآخر فسخه و لو اقترنا بطلا معا مع التنافي
و لا تقبل الانتقال بالمصالحة عليها بمال نعم يصح فيها التوكيل من كل واحد منهما في حياته كما يصح نصب قيم عليه بعد وفاتهما فان عدل ثبت و الا عزله الحاكم و نصب غيره.
فان شاء الحاكم ان يتولى أمرهما بنفسه جاز و الا نصب قيما عليهما و إذا وجد الغبطة في العقد لهما صح.
ص: 12
فإذا بلغ ليس له فسخه مطلقا و عندنا انه انما يلزم مع الغبطة للصغير فلو بلغ أو بلغت و وجدت عدم المصلحة له أو لها في ذلك العقد رفعت أمرها إلى الولي العام فإن أثبتت ذلك كان لها أو له الفسخ و لا مهر لانه فسخ لإطلاق.
(ولاية المولى على مملوكه)
و ولايته مقدمة حتى على ولاية الأب و الجد و الحاكم من غير فرق بين الذكر و الأنثى و هي ولاية سلطنة و قهر اما بقية الأولياء فولايتهم ولاية غبطة و مصلحة و رعاية و حسبة حتى الأبوين فليس لهم التزويج الا بمهر المثل فما زاد من طرف الزوجة أو نقص من طرف الزوج مع رعاية الغبطة و المصلحة بخلاف المولى مع مملوكه.
فان عينا شخصا أو مهراً أو وقتا أو شرطا تعين عليه ما عيناه و لو أخل بشي ء منه وقع فضولياً، و ان كانت الوكالة مطلقة و الأمر مفوض اليه لزم عقده كيف ما أوقعه و ليس للموكل نقضه إلا إذا كان بدون مهر المثل أو خلاف المصلحة لأن الإطلاق
ص: 13
ينصرف الى الصالح.
لأنهما الركنان كما يلزم تعيين الثمن و المثمن في البيع اما المهر فان عينه أحدهما أو كلاهما تعين ذكره في العقد أيضا و الا فله ان يعينه حسب ما يرى إذا لم ينقص عن مهر المثل
أن يقول الوكيل عن الزوجة للزوج زوجتك موكلتي فلانة على مهر كذا فيقول قبلت الزواج لنفسي بالمهر المذكور و ان كان العقد مع وكيل الزوج يقول زوجت موكلتي فلانة من موكلك فلان على مهر كذا فيقول قبلت لموكلي فلان بالمهر المزبور و لو قال قبلت و قصد لموكله و لم يذكره لفظا فالأقرب الصحة.
قبل ان يوقع العقد اما بعد وقوعه فلا اثر للعزل
ثم عقد الموكل نفسه على غيره صح و بطلت الوكالة طبعا
أو عموم في اللفظ و الا فهو فضولي موقوف على الإجازة و يجوز هنا اتحاد الموجب و القابل كما في غيره من العقود
و ان اقترنا بطلا مع التنافي و الا تأكد و مع الشك فقيل بالبطلان و قيل بالقرعة، و الطلاق ثم تجديد العقد هو الأحوط:
ص: 14
يتوقف على اجازة المعقود له فإن أجاز صح و الا بطل
فلو وقع العقد على مهر و الإجازة على مهر آخر أو وقع على شرط فأجازه بشرط آخر أو بغير شرط لم يصح
من البلوغ و القصد و العقل و غيرها فلو فقد واحداً منها لم يصح و لم تنفع الإجازة
و لم يكن كذلك واقعاً لم ينفذ عقده إلا بالإجازة و لو عقد بزعم كونه فضوليا فانكشف انه ولي أو وكيل نفذ بلا اجازة
من الغفل و الرضا و الاختيار و غيرها و ان كان صغيراً و الولي يعقد له لم يعتبر فيه شي ء بل يكفي اجتماع الشروط
ص: 15
في الولي و العاقد نعم يعتبر في الزوجين مطلقا شروط اخرى
و أسباب التحريم كثيرة أعظمها و أهمها ثلاثة- النسب- المصاهرة الرضاع إذاً فهاهنا ثلاثة مقاصد.
قال جل شأنه. وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمٰاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً و صهرا و النسب علاقة تحدث بين اثنين بسبب تولد أحدهما من الآخر أو تولدهما من ثالث و المحرم منه هو العناوين السبعة المذكورة في كريمة قوله تعالى. حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ وَ عَمّٰاتُكُمْ وَ خٰالٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُ الْأَخِ وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ.
فتدخل الجدات من الطرفين و ان علون «البنت» كل أنثى ولدتها و ان نزلت (الأخت) كل أنثى ولدها من ولدك بلا واسطة،،، (العمة) أخت كل ذكر ولدك و ان علا «الخالة» أخت كل أنثى ولدتك و ان علت، و (بنات الأخ و بنات الأخت) الإناث اللاتي ولدن ممن ولد معك و ان نزل، و الضابطة المختصرة الجامعة لهذه العناوين ان تقول: يحرم على الإنسان كل قريب له الا بنات العمومة و الخؤولة
ص: 16
و لو عن زنا فلو ولدت بنت من الزنا حرمت عليه كبنته من الحلال لأنها خلقت من مائه و كذا سائر العناوين المتقدمة و لا يثبت بالزنا شي ء من آثار النسب غير هذا.
أو هو و الدخول و يحرم به مؤيداً دواما و انقطاعا ثلاثة أصناف «1» زوجة الأب و ان علا لأم أو أب على الابن و ان نزل لابن أو بنت «2» زوجة الابن على أبيه (وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلٰابِكُمْ) أي دون من يتبناه الرجل من أولاد غيره- العادة التي أبطلها الإسلام «3» أم الزوجة و ان علت لأب أو أم.
اي بنت زوجته من غيره فلو عقد على الام و فارقها قبل الدخول لم تحرم عليه بنتها لقوله تعالى وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ
فمن وطئ امرأة بشبهة أو زنا فليس له ان يتزوج أمها أو بنتها و ليس لابنه و لا لأبيه ان يتزوجها، اما مملوكة الأب فلا تحرم على الابن و كذا العكس إذا لم يكن قد وطأ أو لمس أو
ص: 17
نظر بشهوة بنحو الاستفراش
اما لو لحقه فلا اثر له فمن تزوج امرأة ثم زنى بها أبوه أو ابنه أو زنى هو بأمها أو بنتها أو وطأ أخاها اثم إثما فظيعا و لكن لا تحرم زوجته عليه لقاعدة (الحرام لا يحرم الحلال) بخلاف الرضاع كما سيأتي و سر الفرق دقيق
و في النوم أو اليقظة و الاختيار أو الاضطرار حلاله أو حرامه كالوطي في الحيض أو الإحرام مع بلوغها و عدمه.
(وَ أُمَّهٰاتُكُمُ اللّٰاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ مِنَ الرَّضٰاعَةِ) و لكن السنة النبوية ضربت في الرضاع قاعدة كلية و هي من جوامع الكلم.
(الرضاع لحمة كلحمة النسب) و أوضحته بفريدة اخرى.
(يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) فالأول ناظر الى جعل الموضوع و الثاني إلى الحكم فتدبره.
أي الذي يحصل به العنوان الرضاعي المماثل للعنوان النسبي من
ص: 18
العناوين السبعة- بين مقل و مكثر فبين من اكتفي بالمسمى و قدره بما يفطر به الصائم و لكن لا قائل بهذا من الإمامية نعم ينسب إلى الإسكافي من قدماء أصحابنا المتوفى سنة 381 الاكتفاء في التحريم برضعة واحدة و في أخبارنا ما يشهد له بل للأعم و لكن انعقد الاجتماع على عدم نشر الحرمة بأقل من العشر فقيل عشر رضعات كاملات متواليات و قيل خمسة عشر رضعة و قيل غير ذلك
«الكم» و هو العدد الخاص عشرة و هو الأحوط و خمسة عشر رضعة و هو الأصح (الكيف) و هو ما شد العظم و أنبت اللحم و تشخيصه موكول الى العرف (الزمان) و هو يوم و ليلة- فمتى حصل احدى هذه الحالات انتشرت الحرمة و لكن بشروط خاصة
فلو در اللبن من غير حمل أو عن حمل من نكاح غير صحيح شرعا فلا حرمة
فلو شربه من غير الثدي فلا اثر له مهما كان
فلا اثر له بعد الحولين أصلا، اما ولد المرضعة فلا يعتبر فيه ذلك و في النبوي: لا رضاع بعد فطام و لا يتم بعد احتلام
فلو رضع من امرأة واحدة مقدارا و أكمل النصاب منها من لين فحل آخر لم يحرم
فلو ارتضع من مرضعتين و لو كان من لبن فحل واحد فلا حرمة
ان لا يفصل بين رضعة
ص: 19
و اخرى رضاعة من امرأة أخرى و لا يقدح الفصل بالأكل و الشرب
و ان تكون خالصة لم يمتزج معها شي ء فلو مازجها مائع آخر حال الارتضاع لم يؤثر
المطابقة للعناوين النسبية فصار الفحل أبا و المرضعة اما و بناتهما أخوات و أولادهم أخوه إلى آخر ما تقدم في النسب من العم و العمة و غيرهما ثم تجي ء الأحكام و هي حرمة النكاح كما في النسب
و هو غير أب لهن بل أب لأخيهن و ليس هو من العناوين النسبية و في بعض الاخبار التعليل بأنهم صاروا بمنزلة ولدك، و كذا لا ينكح أب المرتضع في أولاد المرضعة ولادة على الأصح و رضاعا على قول
إذ لا أخوة بينهم و انما هم إخوة أخيهم و ليس هو بعنوان نسبي الا على عموم المنزلة
حرم كل من الرضيعين على المرأة و أصولها و حواشي نسبها و على الفحل الذي رضع من لبنه كذلك لكن لا يحرم أحد الرضيعين على الآخر لعدم اتحاد الفحل فالإخوة من الام الرضاعية لا توجب التحريم و ان أوجبته من ناحية الأب الرضاعي فلو ارتضعا من لبن فحل واحد نشرت الحرمة بينهما و ان كان رضاعهما من زوجته
ص: 20
إذا أكمل كل منهما نصابه من واحدة و هذا معنى قولهم (اللبن للفحل)
حرم عليه أولادها النسبيون و لو من فحل آخر لأنهم اخوته من امه دون الرضاعيين من الفحل الآخر فاخوة الأمومة تحرم نسبا لا رضاعا الا على عموم المنزلة
- لو ارتضع الطفل من لبن جده لأمه سواء كان من جدته لامها أو غيرها حرمت امه على أبيه لأنها من أولاد صاحب اللبن الذي ارتضع منه، و قد عرفت ان الرضاع سابقه و لا حقه سواء في التحريم فيحرم حدوثا و استدامة
لشبهة حكمية أو موضوعية فلا اثر له حتى يحصل اليقين بتحققه بجميع حدوده و قيوده بالمشاهدة أو البينة أو بشهادة أربع نساء أو رجل و امرأتين أو إقرار المرضعة و تعدية الحكم الى غيرها بإقرارها لا يخلو من نظر،،، هذا موجز من أهم أسباب التحريم المؤبد و هي النسب و المصاهرة و الرضاع التي جمعتها كريمة «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ إلى قوله تعالى و حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلٰابِكُمْ»،،، و هذه الآية من شموس البلاغة فإنها لم تقتصر على ذلك حتى ذكرت حرمة الجمع أيضا و ان تجمعوا بين الأختين و بقي عدة أمور أخرى من أسباب التحريم نذكرها ضمن المواد الآتية
يتخللها نكاح زوجين ففي الطلقة التاسعة تحرم عليه مؤبدا
ص: 21
أيضا كما سيأتي في محله
يوجب تحريم الزواج بامه و ان علت و بنته و ان نزلت و أخته مؤبدا إذا سبق العقد اما اللاحق فالحرام لا يحرم الحلال
فوطأها قبل التسع فأفضاها حرمت عليه ابدا و بقيت على زوجيته و عليه نفقتها الى ان تموت
فإن وطأها في العدة حرمت عليه ابدا عالما كان أو جاهلا و سواء كانت العدة رجعية أو غيرها و ان لم يطأها فإن عقد عليها مع علمه انها في العدة حرمت عليه أيضا أبدا و ان كان جاهلا لم تحرم عليه و له ان يعقد عليها ثانيا بعد خروجها من العدة و كذلك العقد على ذات البعل و الزنا بذات العدة أو ذات البعل كل ذلك موجب للتحريم الأبدي
كانت أو محرمة و يحرم على المحرمة أن تعقد نفسها في الإحرام على محل أو محرم فلو عقد المحرم عالما حرمت عليه ابدا و له مع الجهل اعادة العقد بعد الإحرام.
و هي اما مقيدة. أو موقتة. أو حرمة جمع، فهاهنا ثلاثة أنواع
ص: 22
فلو عقد على امرأة لم يصح ان يعقد على أختها حتى يطلقها و تخرج من العدة ان كان رجعيا و يجوز جمع الأختين بالملك لكن لو وطأ واحدة حرمت عليه الثانية حتى يخرج الاولى عن ملكه.
فلو كان عنده اربع بطل العقد على الخامسة حتى يطلق واحدة منها و تخرج من العدة ان كان رجعيا اما المنقطع و ملك اليمين فلا حد لهما.
تخير أربعا و حرم عليه الزائد.
بينها رجعتان حرمت عليه في الثالثة موقتا الى ان يعقد عليها غيره و يطأها فإن طلقها الثاني حلت بالعقد ثانيا على الأول.
عدم الطول اي عدم القدرة على زواج الحرة، و خوف العنت أي المشقة كما في الآية الشريفة و مع عدم الشرطين فقيل يجوز مطلقا و قيل بالتفصيل فيجوز متعة لا دواما و هو حسن.
ص: 23
فلو عقد بدونه كان للحرة الخيار بين اجازته و فسخه و ليس لها فسخ عقد نفسها اما العكس و هو دخول الحرة على الأمة فهو جائز فإن كانت الحرة عالمة فلا خيار لها و ان كانت جاهلة ثم علمت بعد العقد تخيرت بين فسخ عقد نفسها و بين الصبر على البقاء مع الأمة و ليس لها فسخ عقد الأمة و لا يجب عليه أعلامها بأنه متزوج بامة فلو أخفاه عليها ابدا صح و لا اثم و لو اقترن عقد الحرة و الأمة كان حكمه حكم سبق الأمة.
إلا برضا العمة و الخالة و ان علتا حرتين أو أمتين أو ملفقتين عالمتين أو جاهلتين أو مختلفتين دائمتين أو منقطعتين مسلمتين أو كافرتين أو مختلفتين نسبيين أو رضاعيين، و لو اقترن العقد ان نفذ عقد العمة و توقف الثاني على رضاها، و لو سبق عقد بنت الأخ أو الأخت جاز إدخال العمة أو الخالة عليها و لا خيار للداخلة و لا المدخول عليها لا في عقد نفسها و لا في عقد الأخرى.
فلا يسقط بالإسقاط نعم لو اشترطه ضمن عقد العمة و الخالة صح و كان كالاذن منهما
و ان كان رجعيا لم يجز حتى تنقضي العدة و من هذا النوع ما تزول الحرمة بزوال الوصف و هو شرط الكفاية و الحرمة هنا تدور مدار اختلاف الدين.
ص: 24
و المشرك ممنوع من العقد على المسلمة سواء كان الكفر أصليا أو ارتداديا فلو أسلمت زوجة الكافر فان كان قبل الدخول زالت العصمة بينهما و ان كان بعده انتظرته مدة العدة فإن أسلم بقيا على الزواج كما لو أسلما معا و الا بانت منه و لها المهر.
بعد قوله تعالى- وَ لٰا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّٰى يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ- وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ و لو أسلم الكافر على زوجة مشركة قبل الدخول بانت منه و المشهور على تنصيف المهر و القاعدة تقتضي السقوط لانه فسخ لإطلاق و بعد الدخول يقف على العدة فإن أسلمت فهي زوجته و الا بانت منه و استقر المهر،- اما الكتابية- يهودية أو نصرانية بل و مجوسية فإن أسلم دونها فهي على نكاحه قبل الدخول و بعده دائما و منقطعا كتابيا أو غيره- و اما في الابتداء- فقيل بالحرمة و قيل يجوز منقطعا لا دائما و قيل يجوز مطلقا و هو مقتضى ظاهر قوله تعالى في سورة المائدة التي لا نسخ فيها الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ الى قوله عز شأنه وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، و يمكن حمل النواهي في السنة على التنزيه
كتابية كان للمسلمة الخيار في عقد نفسها إلا إذا كان برضاها على ما في بعض الاخبار.
ان كان قبل الدخول
ص: 25
انقطعت العصمة بينهما مطلقا فان كان منها فلا مهر و ان كان منه فلها النصف، و ان كان بعد الدخول استقر المهر فان كان منها وقف على انقضاء العدة و هي عدة الطلاق فان عادت الى الإسلام فيها و تابت بقيت على زوجيته و الا بانت منه، و ان كان منه فان كان مليا فالانتظار و ان كان فطريا بانت منه في الحال و اعتدت عدة الوفاة
فيجوز للإمامي ان يتزوج بمخالفة من اي مذهب كان من مذاهب المسلمين، اما تزويج الغير بالإمامية ففيه خلاف، و الأصح انه يختلف باختلاف الأحوال فقد يرجح و قد يحرم فعلى الأولياء مراعاة الخصوصيات و الظروف فإنهن ودائع و أمانات و لا تعطي الأمانة الا الى من يحفظها «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا
و هي نوعان شرعية و عرفية أما الشرعية فهي المساواة في الدين كما عرفت، و اما العرفية فهي المساواة في الحسب و النسب و الثروة و الشرف و أمثالها أما الأولى فقد عرفت لزومها في صحة العقد و اما الثانية فليست شرطا و الزواج في شريعة الإسلام على الإسلام و المؤمن كفو المؤمن نعم ورد في السنة حرمة تزويج شارب الخمر و الاعتبار يساعده فان شارب الخمر لا يؤتمن على الحرة، و لا يحفظ الوديعة و مثله المقامر،
بل قيل تجب و لو كان ادنى نسبا و أقل
ص: 26
ثروة و الفقر غير مانع بل العناء في الغنى أكثر منه في الفقر.
و لو معلقا على الطلاق تصريحا أو تلويحا و كذا خطبة المطلقة الرجعية و لو معلقا على انقضائها بل و البائنة و كذا يحرم الخطبة على خطبة الغير كما يحرم الدخول في سوم المؤمن نعم لو ردت الاولى جازت الثانية.
و فسروه بمعان كثيرة و القدر المتيقن في الحرمة هو ان يتزوج امرأتان برجلين على ان يكون مهر كل واحدة نكاح الأخرى يعني المبادلة في النساء.
هذا مختصر أسباب التحريم التي يشترط خلو المتعاقدين منها و حينئذ فالذكر البالغ الرشيد له ان يعقد لنفسه و لا ولاية لأحد عليه و الأنثى البالغة بإكمال التسع إذا كانت رشيدة لها ان تعقد لنفسها بإذن الولي ان كانت بكرا و الا كان لها الاستقلال و بعد انتهاء مباحث العقد و العاقد و المعقود له و شرائط كل واحد منها مما يتعلق بصميم العقد فاللازم بيان ما يتعلق بتوابع العقد و احكامه و حواشيه و آثاره المشتركة بين نوعيه الدائم و المنقطع كالمهر فإنه و ان كان لازما في الجملة و لكنه ليس من الأركان التي يبطل العقد بدونه.
ص: 27
مما هو مال عينا أو دينا أو حقا أو منفعة و ليس هو عوض البضع أو عوض الاستمتاع بل المعاوضة في باب النكاح كما عرفت غير مرة بين ذات الزوجين و انما المهر كهدية و طيبة خاطر للزوجة و لذا يكره المماكسية فيه و التغالي و يستحب فيه اكيداً التساهل و المهاودة و لحرص الشارع الحكيم على التسهيل في هذا المقام اكتفي من المهر حتى بتعليم السورة و قراءة الفاتحة و لكن الاعتدال بمهر السنة و هو خمسمائة درهم أي خمسة و عشرون دينارا.
لزم و ان لم يذكرا مهراً أصلا فإن كان العقد متعة بطل إذ لا متعة إلا بمهر مسمى، و المنقطع كثير الشبه بالمعاوضات و ان لم يكن منها، و ان كان دواما فان شرطا عدم المهر بطل العقد لانه يرجع الى الهبة و لا هبة في النكاح، و لمفوضة البضع مطالبة الزوج بتعيين المهر فان امتنع لها ان تمنع عنه نفسها فان تراضيا على قدر لزم قل أو كثر و الا رجعا الى حاكم الشرع فيفرض أقل الأمرين من مهر المثل و مهر السنة و لو دخل بها قبل التعيين تعين مهر المثل، اما مفوضة المهر
ص: 28
فهو التزويج على حكمه أو حكمها و لكن ليس لها ان تحكم بأكثر من مهر السنة
و يستقر بالدخول فلو مات قبل الدخول أو طلقها كان لها نصفه ان كان قد تعين و الا فلها المتعة على الموسع قدره و على المقتر قدره، و لها ان لا تمكنه من نفسها حتى يدفعه لها،،،
فلو أبهمه كلية كالشي ء و النصيب و نحوهما بطل و لا يلزم فيه تمام المعلومية التي تلزم في البيع و نحوه من اعتبار الكيل في المكيل و الوزن في الموزون و هكذا بل تكفي المشاهدة ان كان عينا و الأوصاف في الجملة ان كان كليا ككونه دراهم أو ثيابا أو غيرها مع بيان العدد و لو جعله ثوبا أو دابة فالخيار للزوج و يجوز جعله أو بعضه مؤجلا كما يجوز ترديده و تعليقه كما لو قال ان تزوجت عليك فألف و الا فنصفها، و مهر المثل مهر أقرانها، و لو عقد الأب لولده على مهر و أطلق فهو عليه الا ان يقيده على الولد من أهلها و بلدها
و ان لم يعلما به حال العقد و كذا لو تزوجها على مهر أمها أو أختها بل في بعض الاخبار ان الرجل على عهد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و سلّم كان يتزوج على القبضة من الحنطة و ما يحسن من القرآن
كالإطلاق في الدائم و ان كان بعد الدخول استحقته بأجمعه كالدائم و كذلك حكم موته قبل الدخول و بعده
ص: 29
لأن الإبراء استيفاء و كذا لو خالعته بالمهر فيستحقه اجمع بالخلع و يستحق نصفه بالطلاق قبل الدخول على ما ذكروا و فيه للتأمل مجال، و لو تنازعا في قبضه فالقول قولها و في المقدار قوله.
لا يمكن فسخه و لا الإقالة فيه بل و لو شرطا خيار الفسخ فيه بطل الشرط و نفذ العقد على الأصح و قيل يبطلان معا، نعم لا يصح الفسخ فيه الا بأمرين (الأول) العيوب الموجبة لخيار الفسخ و هي ثلاثة أقسام- 1- العيوب المشتركة- 2- ما يخص الزوج- 3- ما يخص الزوجة
المشتركة (3) الجنون مطلقا و لو أدواريا (2) (الجذام) مطلقا و لو قليلا (3) البرص كذلك (ما يخص الزوج) أيضا ثلاثة- الخصاء و هو سل الأنثيين و بحكمه الوجاء و هو رضهما بحيث تبطل قوتهما، و العنن و هو عدم الرجولية خلقه أو عرضا و الجب و هو قطع آلة الرجولية (ما يخص الزوجة) أربعة الإقعاد و القرن- عظم في محل الوطي يمنع منه (العضل) لحم يمنع من الوطي، «الرتق» التحام موضع الوطي بحيث يمنع منه.
ص: 30
و موجودة قبل العقد اما الحادث بعده فلا الا العنن و الجنون فإنهما يوجبان الفسخ مطلقا
و شرط الجب ان لا يبقى من الآلة مقدار الحشفة و لا تفسخ في العنة حتى ترفع أمرها لحاكم الشرع فيمهلها سنة كاملة تكون معه في الفصول الأربعة فإذا عجز كان لها الفسخ
إلا في العنن فان لها النصف و ان كان بعد الدخول أخذته اجمع و القول قول منكر العيب بيمينه، و الخيار في العيوب فوري و هو فسخ لإطلاق
فمن تزوج امرأة شرط كونها حرة فبانت مملوكة أو تزوجت بشرط كونه حرا فظهر مملوكا كان له أولها الخيار فان فسخ بعد الدخول استحقت المهر و يرجع به على المدلس مطلقا باستثناء مهر المثل عوض استمتاعه بها و ان كان قبله فلا شي ء لها، و كذا لو اشترط كونها بكرا فظهرت ثيبا، و كل شرط موافق لكتاب اللّٰه عز شأنه لها أم عليها فهو لازم و يجب على كل منهما الوفاء به و لكن لو خالف لم يوجب الفسخ كما لو شرطت ان لا يخرجها من بلدها أو منزلها اما لو شرطت ان لا يتزوج عليها أو لا يقسم لضرتها فهو باطل، و هذه العيوب كما توجب الفسخ في الدائم توجبه أيضا في المنقطع.
ص: 31
«الدخول» و يكفي كونها فراشا له فضلا عن الخلوة و لو اختلفا فيه فادعته و أنكره أو أنكر ولادتها فالقول قولها مع الخلوة و قوله مع عدمها «2» مضي أقل الحمل و هو ستة أشهر هلالية من حين الوطي في الولد التام الذي ولجته الروح، و في غيره يرجع الى المتعارف في مثله «3» عدم تجاوز أقل الحمل و هو سنة من حين الوطي فلو غاب عنها أكثر من سنة أو اعتزلها لم يلحق به، و لو نفي الولد مع اعترافه بتحقق شرائط اللحوق به لم ينتف الا باللعان، و لو زنت فالولد للفراش و للعاهر الحجر، و لو طلقها و تزوجت بآخر فاولدت فان كانت الشرائط لواحد منهما الحق به و ان لم تكن لواحد انتفي عنهما و ان كانت لكل واحد منهما فالقرعة، و الولد يلحق بأشرف الأبوين في الإسلام و من أقر بمجهول انه ولده لحق به مع الإمكان و كذا العكس.
و هو أول حليبها بأجرة على الأب و يستحب ان ترضعه المدة و هي حولان كاملان و يجوز الزيادة و النقيصة بشهرين أو ثلاث و هي أحق بإرضاعه بالأجرة التي يطلبها الغير فان طلبت الزيادة جاز ان ينتزعه منها
ص: 32
و يدفعه الى غيرها و لا تجبر الحرة على إرضاعه
فإذا انتهت مدة الرضاع فهي أحق بالبنت الى بلوغها سبع سنين و الأب أحق بالابن بعد السنتين الى بلوغه، و لا تثبت لها الحضانة إلا بشروط العقل و الإسلام و الحرية و لو طلقها فتزوجت سقطت حضانتها و لو طلقها الثاني عادت و لو مات الأب فهي أحق بولدها الى بلوغه و إذا مات الأبوان فالحضانة للجد و إذا فقد فللأقرب فالأقرب و الظاهر انه لا أجرة للحضانة بل هو إرفاق بالأم نعم يلزم على الأب بذل لوازم التربية كاجرة غسل الثياب و نحوها.
و حيث انتهى الكلام من الأحكام المشتركة بين المتعة و الدوام فلنذكر ما يخص كل واحد منهما.
و هي خمسة بل ستة- الإرث- فالدائم ترث مطلقا و المنقطعة لا ترث مع الإطلاق قطعا و هل ترث بالشرط الأصح العدم- النفقة- تستحقها الزوجة بالعقد الدائم مع عدم النشوز مطلقا و لا تستحقها المنقطعة بإطلاق العقد و هل تستحقها بالشرط- الأصح نعم.
ص: 33
و تستحق الوطء مرة في أربعة أشهر، اما المنقطعة فلا تستحق شيئا منهما مع الإطلاق اما مع الشرط فالأصح الاستحقاق إذا لم يزاحم حق الدائميات و للزوجة الدائمة إسقاط ليلتها أو هبتها لإحدى ضراتها أو مصالحة الزوج عليها.
و لم يعاشرها بالمعروف صار ناشزا و لها ان تمنع نفسها عنه فان لم يرتدع رفعت أمرها إلى حاكم الشرع فاما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، كما انها لو امتنعت عن أداء حقه و هو تمكينه من نفسها للمواقعة متى شاء الا لعذر مشروع أو لم تعاشره بالمعروف فتعبس في وجهه و تخرج من غير اذنه و تغلظ كلامها معه و ما أشبه ذلك صارت ناشزا و سقطت نفقتها فيتدرج معها بالمراتب الثلاث المذكورة في الآية الشريفة فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا. و يلزم ان لا يكون الضرب مبرحا و لا جارحا.
و الحكم هنا التحكيم كما ذكره الكتاب المجيد، فابتغوا حكما من من اهله و حكما من أهلها فإن قدرا على الإصلاح فهو و الا فرقا بينهما مع الاذن، و من مختصات العقد الدائم الطلاق- فإنه لا يأتي بالمنقطع بل ينتهي بانتهاء المدة أو بهبتها.
و للمطلقة الرجعية في
ص: 34
عدتها دون البائن و المتوفى عنها زوجها نعم المطلقة بائنا إذا كانت حاملا وجبت النفقة لها أو له حتى تضع و لا نفقة للصغيرة حتى تبلغ و لا للناشزة حتى تطيع
و مسكن و خادم حسب شأنها في جميع ذلك كما و كيفا و جنسا و وصفا و يجب أيضا ما يتوقف عليه التزيين و التنظيف كالصابون و نحوه
و ان كانت غنية فلو أخل به يوما أو أياما كان دينا عليه في ذمته يجب عليه ان لم تكن ناشزا ان يؤديه لها و يصح المصالحة عليه و إسقاطه كسائر الديون و يجوز ان تطلب كفيلا به حاضرا كان الزوج أو مسافرا
فلو أرادت أن تبيع شيئا من أموالها و كانت رشيدة فلا حق للزوج و لا لغيره في معارضتها حرة كانت أو مملوكة فإن ولاية المملوك لمالكه و ولاية الحرة لأبيها أو جدها أو الحاكم مع صغرها نعم له منعها عن كل ما يوجب خللا في شرفه و المس بناموسه كالخروج من غير اذنه و معاشرة من لا يليق به معاشرتهم من نساء أو رجال و لو خالفته نشزت بل له ان يمنعها عن الخروج حتى الى بيت أمها و أبيها الا ان يكون ذلك موجبا للعقوق و هو إيذاء الوالدين فيأذن لها حسب المتعارف في الأسبوع مرة و نحو ذلك و لو منعها عن مباح أو مستحب لا يخل بشي ء من شئونه لم يجب عليها الامتناع عنه كما لا يجب عليها الخدمة و الطبخ و نحو ذلك اما الواجب فلا إشكال في
ص: 35
عدم اثر لمنعه عنه، و يجب عليها متابعته في السفر و الحضر و المسكن
و ان لم يكن له دخل بكتاب النكاح و هي نفقة الأقارب و هم نوعان الآباء و الأبناء صعودا و نزولا، و المملوك إنسانا أو حيوانا، و لا تجب لمن عدا أولئك من الأقارب مهما كانوا نعم تستحب خصوصا للوارث و انما تجب على العمودين و تستحب في غيرهم بشرطين- الأول- يسار المنفق بان يكون عنده ما يزيد على نفقته و نفقة زوجته يوما و ليلة- الثاني- فقر المنفق عليه كذلك و العجز عن الاكتساب و كونه حرا، و الواجب قدر الكفاية من الإطعام و الكسوة و المسكن و لا يجب تزويجه و لا الإنفاق على زوجته و لا سائر لوازمه نعم هو من أفضل أنواع البر
فيتقدم الأب على أب الأب و الابن على ابن الابن منفقا و منفقا عليه و الأب و الابن في نية واحدة فمن كان فقيرا و له أب و ابن غنيان اشتركا في الإنفاق عليه بالسوية و من كان غنيا و له أب و ابن فقيران أنفق كذلك عليها و الأنثى كالذكر في وجوب النفقة عليها ولدا أو اما و لكن لا يجب على الام ان تنفق على أولادها إذا كان أبوهم غنيا نعم لو كان فقيرا أو مفقودا وجب عليها ان لم يكن لهم جد غني أيضا، و الإنفاق على الأقارب إرفاق و وجوب تكليفي محض فلو عصى لم يقضه إذ لم تشتغل به الذمة كما لا يصح المصالحة عنه و لا إسقاطه.
ص: 36
حتى المدبر و أم الولد دون المكاتب مطلقا فان نفقته في كسبه و على البهيمة مطلقا مأكولة اللحم و غيرها
و الا وجب على حاكم الشرع إجباره فان لم يمكن باع شيئا من أمواله و أنفق إلا في الإنسان المملوك فإنه يوكل نفقته الى كسبه إن أمكن و في البهيمة يخيره بين ذبحها ان كانت مأكولة اللحم و بين الإنفاق عليها
الأركان التي يتقوم بها عقد المتعة أمران- المهر- فلو لم يعين المهر في متن العقد بطل و من هذه الجهة أشبه عقود المعاوضات و ما هو منها- الثاني- الأجل فلو أخل به في ذات العقد قيل يبطل رأسا و قيل ينقلب دائما و به رواية و العمل بها مشكل و تطبيقها على القواعد أشكل، و الرواية ضعيفة، و الاحتياط بالطلاق و تجديد العقد لا يترك، و بهذين الركنين ينفرد المنقطع عن الدائم الذي لا أجل فيه و لا يضر به عدم ذكر المهر كما عرفت
(1) عدم وقوع الطلاق فيه و لا اللعان و لا التوارث حتى مع الشرط بل و لا الخلع و لا الظهار «2» عدم استحقاق
ص: 37
النفقة (3) عدم القسم (4) عدة غير الحامل بعد الوطء و انقضاء الأجل أو هبة المدة حيضتان و لو كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض فنصف عدة الدائم خمسة و أربعون يوما اما الحامل فعدتها وضع الحمل و عدة الوفاة كالدائم أربعة أشهر و عشر ان كانت حرة و الا فنصفها و في الحامل أبعد الأجلين مطلقا، «5» جواز العزل عنها و عدم جوازه في الدائم و لكن الولد يلحق به حتى مع العزل
و الأصح عندنا جوازه دواما و متعة و هو هنا كالبيع أو الإجارة للعين المستأجرة.
و لكن يلزم مدعيها بإقراره و هذا من المقامات التي تنفك الاحكام ظاهرا و ان كانت متلازمة واقعا فلو كانت هي المنكرة جاز لها ان تتزوج بغيره و لكن تجب عليه النفقة ظاهرا و لا يتزوج بأختها و لا الخامسة و هكذا سائر الاحكام و كذلك لو انعكس الأمر و لو تزوجت و اقام البينة ظهر فساد العقد
فإن أقامت بينة فالعقد لها و ان أقامها ثبت قوله و ان
ص: 38
أقام كل منهما البينة فالحكم لبينته بناء على تقديم بينة الداخل الا ان يكون لبينتها مرجح داخلي أو خارجي كدخول بها أو تقدم تاريخ أو أكثرية عدد فتقدم بينتها.
المرأة إذا ادعت أنها خلية صدقت و جاز العقد عليها من غير فحص حتى مع العلم بأنها كانت ذات زوج و ادعت موته أو طلاقه أو لم تذكر شيئا سوى أنها خلية فلو ادعى آخر انها زوجته لم يصدق إلا بالبينة و ينكشف فساد العقد و يجري عليه حكم الشبهة.
ص: 39
الطلاق حل عقدة الزوجية الدائمة المقتضية للبقاء بذاتها و ببيان اجلى ان الزوجية الدائمة حبل مستمر و الطلاق قطع له من أثنائه فهو كالفسخ في البيع الذي هو رفع بل قطع لحبل الملكية المستمرة من حين الفسخ لا من حين العقد على الأصح فالتعبير عنه بالقطع اولى من التعبير بالرفع، و هو اي الطلاق من حيث بقائه و إمكان رفعه و بعبارة أبلغ من حيث تنجز أثره و تعليقه- قسمان- رجعي- و بائن- فهاهنا مرحلتان-
و يقع البحث فيه من حيث أركانه الثلاثة، الصيغة، و المطلق و المطلقة، ثم من حيث اقسامه و احكامه بعد تمامه ففي هذه المرحلة مقصدان
و فيه فصول.
ص: 40
و نسبة قائمة بطرفين و لكنه شرعا من الإيقاعات التي يكتفي وقوعها من طرف واحد و لا يقع إلا بصيغة خاصة و هي أنت طالق أو زوجتي فلانة طالق أو زوجة موكلي طالق فلا يكفي شي ء من مشتقاتها مثل أنت مطلقة و طلاق و طلقتك و أطلقك و هكذا فضلا عن مثل أنت بائن و حرام و خلية و برية و اعتدي و أمثالها و لا يقع بالكتابة و لا بالإشارة الا من الأخرس العاجز و لا يقع بالتخيير لها بل هو من خصائصه صلى اللّٰه عليه و آله.
فلو علقها بشرط أو صفة بطلت مطلقا و لو قيدا لواحدة بالثلاث فقال أنت طالق بالثلاث لغت الثلاث و وقعت واحدة عندنا و تقع ثلاثة عند القوم فتحتاج الى محلل و لو قال ان كنت زوجتي فأنت طالق صح على الأصح.
- أما الولي
ص: 41
فالمشهور انه يصح تزويجه و لا يصح طلاقه و الأصح عندنا انه مع المصلحة يصح طلاقه كما صح تزويجه، و يعتبر في المطلق زوجا أو وكيلا أو وليا «أمور» البلوغ فلا يصح طلاق الصبي و ان بلغ عشرا أو اذن له الولي- العقل فلا يصح طلاق المجنون مطبقا أو أدواريا إلا في حال إفاقته- الاختيار فلا يصح طلاق المكره- القصد فلا طلاق لهازل أو ساه أو نائم أو سكران بل يعتبر القصد عن روية و حال طبيعي فلا يصح طلاق الغضبان و المتهيج.
- الطاهرة من الحيض و النفاس إلا إذا كانت غير مدخول بها أو حاملا إذا اجتمع الحيض و الحمل و الا من الغائب الذي لا يعلم حيضها حين الطلاق مع علمه بانتقالها من طهر المواقعة أو سافر في طهر لم يواقعها فيه و مثله المحبوس- و ان يطلقها في طهر لم يواقعها فيه، و يسقط طبعا هذا الشرط في الصغيرة و اليائسة و الحامل اما المسترابة و هي التي واقعها فلم تحض في ذلك الشهر فاسترابت بالحمل فلا يجوز طلاقها الا بعد التربص ثلاثة أشهر فإن ظهر الحمل في أثنائها طلقها و الا طلقها بعد الثلاث.
ص: 42
فلو قال احدى زوجاتي طالق لغا و كذا لو قال زوجتي سلمى طالق و عنده زوجتان بذلك الاسم أو قال إحداكن طالق.
«114» لا يصح الطلاق بعد استجماعه لعامة الأوصاف المتقدمة إلا بحضور شاهدين عدلين يسمعان الصيغة و يعتبر اجتماعهما عند الإنشاء و ان يكونا غير الزوج و الزوجة و غير الوكيل فلو طلق الوكيل بحضور الزوج فلا بد من شاهدين آخرين و يعتبر عدالتهما الواقعية عند المطلق بل و عند الزوج فلو علم بفسقهما أو علما بفسق أنفسهما فلا اثر للطلاق و لا تقبل فيه شهادة النساء و لا يحل به المهر المؤجل.
و غير البائن- بدعي. و رجعي. و عدي. فالبدعي ما اختل فيه أحد الشروط السابقة كطلاق الحائض أو الطلاق ثلاثا بلا رجعة بينها، و الرجعي، هو
ص: 43
مطلق الطلاق الصحيح مما للمطلق فيه الرجوع سواء رجع أم لا (و العدي) قسم منه و هو ان يطلق على الشرائط ثم يرجع في العدة و يطأ ثم يطلق في طهر آخر، و له حكم خاص و هو انه كما يحرم في كل ثالثة حتى تنكح زوجا غيره نحرم الحرة أيضا في التاسعة حرمة مؤبدة كما تقدم و الأمة في السادسة.
ثم طلق و رجع و هكذا أو تركها بعد الطلاق حتى خرجت من العدة و تزوجها بعقد جديد ثم طلق- لم تحرم في التاسعة و لوالي مائة مرة نعم يلزمها المحلل في كل ثلاث خلافا لابن بكير أحد رواة أئمتنا (ع) فإنه قال إذا تزوجها بعقد جديد هدم ما قبله و لو مائة مرة و حلت له بلا زوج و قد انفرد بهذا الرأي
بالعقد الصحيح الدائم، و كما يهدم الثلاث يهدم ما دونها و لو ادعت حصول المحلل و كانت ثقة صدقت بلا يمين.
بل و بالإشارة حتى من القادر على الكلام و لا يشترط فيها الاشهاد و لا أعلامها نعم لو ادعى بعد العدة رجوعه فيها لزمه الإثبات بالبينة فإن عجز فاليمين عليها، و إنكار الطلاق في العدة رجوع.
ص: 44
(و فيها فصول)
و هي التي انقطع حيضها طبيعة ببلوغ الخمسين أو الستين و الصغيرة و هي التي لم تكمل التسع، و المختلعة و المبارات مع عدم الرجوع بالبذل، و المطلقة ثلاثا بينها رجعتان و لو بعقد جديد.
(وفاة الزوج) فتعتد الحرة مطلقا حرة أو امة صغيرة أو كبيرة أو يائسة أو غير مدخول بها بأربعة أشهر و عشرة أيام، و الأمة بنصفها الا الحامل فما بعد الأجلين و أم الولد كالحرة و كذلك المدبرة و المفقود زوجها الذي لا يعرف خبره إذا حصل العلم لها أو الظن المتاخم بموته
أحدها ما بقي من الطهر الذي طلقت فيه و لو لحظة ان كانت حرة و الا فطهران كذلك فتبين الحرة برؤية الدم الثالث و الأمة برؤية الثاني، فأقل ما تنقضي به عدة الحرة سنة و عشرون يوما و لحظتان و الأمة ثلاثة عشر
ص: 45
و لحظتان و ليست اللحظة من العدة بل هي كاشفة فلا تصح فيها الرجعة، و يصح فيها عقد الغير، و ان كانت غير مستقيمة الحيض أو هي في سن من تحيض و لا تحيض فعدة الحرة ثلاثة أشهر و الأمة نصفها و عدة الحامل وضع الحمل و لو سقطاً و الذمية كالحرة، و المسترابة قد تبلغ عدتها تسعة أشهر أو أكثر
فان كان رجعيا استأنفت عدة الوفاة و ورثته و ان كان بائنا أتمت عدة الطلاق، و لا إرث و يجب على المتوفّى عنها زوجها «الحداد» و هو ترك الزينة و لبس السواد مدة العدة و لا نفقة لها بل تجب للمطلقة الرجعية كما كانت زوجة، و لا تخرج من منزلها إلا لضرورة، و لو طلق بائنا في مرض الموت بغير طلب منها و مات قبل ان تتزوج ورثته إلى سنة و لا ترث البائن إلا هنا، و لا يرثها هو لو ماتت.
فلو تزوجت بعد عدة الطلاق و تبين انه كان قد توفي في العدة اعتدت ثم عادت لزوجها الثاني.
«1» قد عرفت ان الطلاق و لا سيما مع التئام الأخلاق مكروه
ص: 46
أشد الكراهة و ما أحل اللّٰه شيئا أبغض إليه من الطلاق و ان العرش ليهتز منه و تتأكد الكراهة في المريض فان فعل صح و توارثا في الرجعي لو مات في العدة و ترثه هي حتى في البائن إلى سنة كما سبق «2» ذكر الفقهاء ان الغائب إذا لم يعرف خبره و لم يكن لزوجته من ينفق عليها ترفع أمرها إلى الحاكم فيؤجلها و يطلبه اربع سنين فان وجده و الا طلقها و اعتدت عدة الوفاة و جاز لها ان تتزوج فان جاء في العدة فهي له و الا فلا سبيل له عليها تزوجت أم لا، و قصروا طلاق الحاكم الشرعي على هذه الصورة و بتلك الكيفية مع ان الأدلة العامة و الخاصة متوفرة في ان له الولاية على طلاقها في صور أخرى كثيرة يجمعها لزوم الضرر و المشقة الشديدة من بقائها على زوجية ذلك الزوج كالغائب المعلوم محله و لكنه ممتنع عن بذل النفقة لها اما عصيانا أو عجزا بل يأتي ذلك حتى في الحاضر الممتنع كذلك و في المسجون المحكوم بالسجن المؤبد أو خمسة عشر سنة بل و أقل إذا لم يكن عنده مال ينفق عليها الحاكم منه و لا يحصل لها باذل دينا على الزوج أو تبرعا و لا تقدر على اعاشة نفسها بالوسائل الشريفة اللائقة بحالها، بل يجوز للحاكم طلاقها فيما لو كان الزوج مريضا بإحدى الأمراض المعدية كالسل و الجذام و نحوها بعد ثبوت ذلك بشهادة الأطباء و عرضها على الحاكم، و الحاصل إذا ثبت عند حاكم الشرع العسر و المشقة الشديدة الضرر على الزوجة من بقائها في حبالة ذلك الزوج و طلبت الطلاق الزم الحاكم الزوج بان يطلقها فان امتنع
ص: 47
و أصر على الامتناع جاز للحاكم طلاقها و تعتد ثم لها ان تتزوج بعد عدة الطلاق أو الوفاة.
و هما من أقسام الطلاق البائن و الأصل فيه قوله تعالى في سورة البقرة (وَ لٰا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّٰا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلّٰا أَنْ يَخٰافٰا أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).
و ان كانت من الزوجة فلا سبيل لها الى الخلاص منه الا بان تبذل له ما ترضيه سواء كان بمقدار ما أخذت منه من المهر أو أكثر أو أقل على ان يطلقها بالبذل و هو الخلع، و ان كانت الكراهة منهما معا و كان كل منهما يكره الآخر فالمباراة و لا يجوز له ان يأخذ منها أكثر مما أعطاها مهرا.
و يجوز الاكتفاء بالأولى و الأحوط إتباعه بالطلاق، اما في المبارات فلا بد منه فيقول بارأتك على كذا فأنت طالق و يقول الوكيل خلعت فلانة بكذا بحسب وكالتي عن زوجها و مثله في المبارات و لا بد من قبول الزوجة أو وكيلها بعد الصيغة بلا فصل و يكفي طلب
ص: 48
ذلك منها قبلها و كلما يصح مهرا يصح فدية و لو بانت مستحقه للغير بطل الخلع ان كانت عينا
نعم لها الرجوع بالبذل في العدة فإذا رجعت جاز له الرجوع بها لان الطلاق يعود رجعيا ان شاء رجع و ان شاء ترك و كذا لو لم تدفع البذل اما لو لم يكن لها عدة كالصغيرة و نحوها فلا رجوع لكل منهما لانه بائن طبعا
حلفت مع عدم البينة و لو قالت هي على ذمة فلان أو دفعتها لك و أبرأتني فعليها البينة و الا فاليمين عليه.
و الأصل فيها الآيتان في سورة المجادلة و سورة البقرة.
و المراد به تشبيه من يملك نكاحها بإحدى محارمه و هو محرم تكليفا و تترتب عليه احكام وضعا و أركانه الصيغة و المظاهر و المظاهرة و يتبعه الشروط و الأحكام.
و هكذا من سائر المحارم و لا يقع الا من الزوج اما من الزوجة فلا اثر له و يصح تحديده بوقت كالشهر و السنة فيحل له الوطي بعدها و تعليقه بانقضاء الشهر فيحل الوطي قبله
ص: 49
و على شرط فلو لم يحصل فلا اثر له.
و الاختيار و القصد و ان لا يكون سكرانا أو مغمى عليه أو في حال غضب و يصح من الكافر
من الطهارة و عدم المواقعة في ذلك الطهر و ان يكون مدخولا بها و لا يقع بالمتمتع بها و لا الموطوءة بالملك
عدلين كالطلاق و ان لا يكون في إضرار و لا بصفة اليمين.
فلو وطئ قبلها لزمه كفارتان واحدة للظهار و اخرى للوطي و لو كرر تكررت و لا كفارة على الوطي جهلا أو نسيانا و لو طلقها حتى خرجت من العدة جاز له ان يتزوجها بعقد جديد و لا كفارة، و يجب عليه بعد الظهار المبادرة الى أحد أمرين اما التكفير و العود، أو الطلاق فان لم يفعل رافعته الى حاكم الشرع فنظره ثلاثة أشهر فاما ان يكفر و يعود أو يطلق و يجبره على ذلك لو امتنع و عليه نفقتها و لو عجز عن الكفارة أجزأه الاستغفار.
العتق فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فان لم يجد فإطعام ستين مسكينا، و كل ذلك منصوص عليه في القرآن المجيد في أول سورة المجادلة.
و كذلك «الإيلاء» مصدر آلى يولي إيلاء إذا حلف و المراد به هنا الحلف على ترك وطي الزوجة مطلقا أو في مدة خاصة.
ص: 50
فلو حلف بالعتاق و الطلاق أو بغيرها كان لغوا و لا ينعقد إلا في إضرار فلو حلف لصلاح فلا إيلاء كما لو كان الوطي مضراً به أو بها أو باللبن و لا ينعقد الا على تركه أبدا أو مطلقا أو أكثر من أربعة أشهر.
و في المرأة الزوجية الدائمة و الدخول، و إذا تم الإيلاء فللزوجة مرافعته لحاكم الشرع فينظره أربعة أشهر من حين المرافعة فإن رجع و كفر و الا خيره الحاكم بين العود أو الطلاق فان امتنع حبسه و ضيق عليه حتى يكفر و يفي ء أو يطلق و لو دافع حتى انقضت المدة اثم و لا كفارة و الكفارة هنا كفارة يمين.
و هو منصوص عليه في سورة النور بعدة آيات، و يلزمه بيان السبب و الشرائط و الاحكام و الكيفية.
المحصنة المدخول بها مع دعوى المشاهدة و عدم البينة، و المراد بالمحصنة العفيفة فلو رمى المشهورة بالزنا و لو مرة فلا لعان و لا يجوز القذف الا
ص: 51
مع المعاينة لذات العمل لا بالسماع و لو من الشياع أو الظن
و ان سكت حال الولادة و لم ينفه ما لم يسبق الاعتراف به صريحا
أو أنكر الولد و اقام البينة فلا حد و لكن لا ينتفي الولد الا باللعان
لا الحرية و لا الإسلام، و الأخرس لو عرف اللعان كفت إشارته المفهمة، و يشترط في الملاعنة دوام الزوجية و الدخول و لا تكفي الخلوة و ان أرخيت الستور و البلوغ و العقل و السلامة من الصمم و الخرس فلا لعان بقذف الصغيرة أو المجنونة و لو قذف الصماء أو الخرساء حرمت عليه ابدا بلا لعان
فهي أن يقول الزوج اشهد باللّه اني لمن الصادقين فيما قلته على هذه المرأة أربع مرات ثم يعظه الحاكم فان رجع حد و الا قال (أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ) ثم تقول المرأة أربع مرات (أشهد إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ) ثم يعظها الحاكم فان اعترفت رجمها و الا قالت «أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ» و الواجب التلفظ بهذه الكلمات حال قيامها و بدنة الرجل و تعيينه للمرأة و النطق بالعربية مع القدرة و يجوز الترجمة مع التعذر و ان يكون كل ذلك بمحضر الحاكم و يستحب حضور أربعة شهود
(1) سقوط حد القذف عنه و سقوط حد الزنا عنها فلو نكلت بعد أداء الزوج شهاداته الخمس
ص: 52
حدت حد الزنا أقرت أو أنكرت، و بطلان الزوجية و نفي الولد عنه لا عنها و إذا أكذب الرجل نفسه في الأثناء يحد و تبقى الزوجية و يلحق الولد به اما إذا أكذب نفسه بعد لعانها فلا يرتفع الا سقوط الحد فيحد و لا تحل له و لا يرث الولد و الولد يرثه، و لو أكذبت نفسها بعد لعانها فإن أقرت أربعا حدث و لا تحل له و لا يلحق به الولد
و هو القرض الذي هو أفضل من الصدقة فإن درهمها بعشرة و درهم القرض بثمانية عشر و من شكا إليه أخوه المسلم و لم يقرضه حرم اللّٰه عليه الجنة، و ثوابه و الحث عليه في الشرع الإسلامي عظيم و اجره لا يحصى، و يلزم النظر في أركانه- الدائن و المدين و ما يصح دينه و العقد.
و يكفي فيه كلما دل عليه في الإيجاب و القبول، و الغالب فيه المعاطاة و لا اثر للعقد وحده بدون القبض كالهبة و الوقف و لا بد من اقباض المقرض فلو قبضه المقترض بدون إقباضه أو إذنه لغا و لو كان في يد المقترض لغا و لا حاجة الى إذن جديد و بالقبض
ص: 53
يملكه المقترض و لا يقف على التصرف إلا في المعاطاة.
فلو طلب المقرض رد العين بعد إقباضها لم يجب على المقترض ردها بل يثبت عليه المثل في المثليات أو القيمة في القيميات، و المدار على القيمة وقت الأداء لا وقت القبض و لو دفع العين لم يلزم بغيرها قهرا.
و في الدائن فقط عدم الحجر بفلس أو سفه و ان يكون مالكا لما يقرضه أو وكيلا أو وليا و تجري الوكالة و الولاية في المقترض أيضا فيقترض للمولى عليه أو الموكل مع الغبطة.
و بالكيل و الوزن و العدد فيما شأنه ذلك، فلو أقرضه كيس طعام غير معلوم الكيل و لا الوزن أو صبره كذلك لم يصح و لم يملكها المقترض
و تتقارب صفاته يصح قرضه و يثبت في الذمة مثله كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و نحوها و ما ليس كذلك كالجواري و اللئالي تثبت في الذمة قيمة.
نفعا عينا أو منفعة أو صفة ربويا أو غيره كركوب دابة أو عارية متاع
ص: 54
أو نحوه فهو ربا يحرم وضعا و تكليفا لا يجوز للمقترض التصرف فيه و هو مضمون عليه لقاعدة ما يضمن .. و لا يضر اشتراط الرهن فيه و الأجل أو الكفيل
بشرط ان يقرضه صح و لكن لو أقرضه بشرط ان يشتري منه زائدا عن قيمته أو يهبه لم يصح، و لو أجل الحال بزيادة فهو ربا سواء كان قرضا أو صداقا أو ثمن مبيع أو نحو ذلك و لو كان بصلح أو جعالة و لو اشترطه في عقد آخر فسد فان الشرط لا يحلل الحرام نعم يصح اشتراطه في البيع و لو كان بأضعاف القيمة و هو من الحل للتخلص من الربا
و هو المسمى بصلح الحطيطة و ليس من الربا و كذا يجوز الصلح على تعجيل بعض بزيادة الأجل في الآخر
بإعطاء الزيادة للمقرض من غير شرط جاز، فان خير القرض ما جرّ نفعا، و انما يأتي الربا من الشروط و خير الناس أحسنهم قضاء، و اقترض النبي بكرا فرد بازلا،
فلو كان لاثنين أو أكثر مال على اثنين أو أكثر فنقاسماه بان يكون لأحدهما ما في ذمة زيد و للآخر ما في ذمة عمرو لم يصح و كان الحاصل لهما و التالف عليهما
بزيادة و نقيصة من غير جنسه أو من غير الربوي و الا فلا بد من المساواة، و كذا يجوز بيع الحال بحال على غيره مع المساواة ان كان ربويا و مطلقا في غيره، اما بيع
ص: 55
المؤجل بالمؤجل فمع المساواة مشكل، مع عدمه أشكل.
فان وحده و الا فإن حصل اليقين بموته و لو حسب العادة بعدم بقائه و اختفى خبره في تلك المدة و انه لو كان لبان دفع الدين لورثته و ان لم يكونوا أو تعسر دفعه الى حاكم الشرع.
و الأصح جوازه مع نية الوفاء سواء علم المقرض بفقره أم لا و ان كان الاولى الترك و لا سيما مع عدم الضرورة اما مع عدم نية الوفاء فلا إشكال في حرمته مطلقا فإنه سرقة و اختلاس و لا يملك المقترض المال في هذه الصورة و يحرم عليه التصرف به.
فان بقيت لها قيمة يعتد بها فهي اللازمة عليه و ان لم يبق لها قيمة فما يساويها قبل السقوط، اما لو نقصت أو زادت فالعين الا ان تكون الزيادة فاحشة، و لعل المشهور لزوم العين مطلقا حتى مع السقوط مطلقا و هو بعيد.
ص: 56
- تمليكية و عهدية و ترجع الاولى الى الثانية و هي اسم مصدر من أوصاه المزيد أو وصاه المضاعف اي عهد إليه يعني جعل الأمر في عهدته أو عهد على نفسه بأمر و الى هذا تعود التمليكية فاصل الوصية العهد و التعهد.
و هي التي ندب إليها الشارع و قال هي حق على كل مسلم و من لم يحسنها عند موته كان نقصا في مروته و الأصل فيها قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ- إلى قوله عز شأنه فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
و يعبر عن هذه السلطة تارة بالولاية و اخرى بالاستنابة أو الوكالة بعد الموت و قد تجب إذا كان عليه واجبات من ديون للمخلوق أو الخالق لا يأمن أن تؤديها الورثة أو برد ودائع أو محافظة على مال قصير و نحو ذلك مما يعود الى كل ما له السلطة عليه في حياته و ما يعود الى حقوقه الشخصية حياً و ميتاً و منه تمليكه بعض أمواله لشخص آخر بعد الموت و هي الوصية التمليكية المعبر عنها بأنها تمليك مجاني بعد الموت
ص: 57
فالتمليك منجز و لكن التملك معلق على الموت اما لو قال ادفعوا له أو ملكوه بعد موتي فهي من العهدية و استيفاء البحث في الوصية يستدعي قطع مرحلتين.
و اللازم النظر في أركانها الأربعة. و الموصي. و الموصى له. و الموصي به. و الوصية
و الحق انه برزخ بين العقد و الإيقاع كالوكالة و نظائرها فإذا أوجب الموصي و قبل الموصى له صارت عقداً و إذا لم يقبل و لم يرد حتى مات الموصى لزمته و صارت إيقاعا، و الثمرة ضئيلة.
حتى الكتابة و الإشارة من القادر فضلا عن العاجز فلو وجد كتاب بخطه أو خاتمه ان فلانا وصي أو ان داري مثلا لفلان بعد موتي و علم انه أراد ذلك كفي، و اللفظ الصريح لفلان بعد وفاتي كذا أو أعطوه بعد وفاتي كذا أو أوصيت له بكذا.
بل يكفي عدم الرد الى موت الموصي فتملك الموصى له المال قهراً و لو رد في الحياة ثم قبل ملك بالموت اما لو قيل بعد الرد
ص: 58
و الموت فالمشهور انه لا يملك و كذا لو رد بعد الموت لم ينفع القبول بعده و في الفرق تأمل.
فلا تصح من المجنون و لا من الصبي إلا إذا بلغ عشراً و كان رشيدا و لا من المغمى عليه و لا من السكران، و الاختيار و الحرية، ان كانت الوصية بمال و عدم السفه و الفلس الا مع اجازة المولى أو الولي أو الغرماء و من أحدث بنفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم و نحوها ثم اوصى لم تنفذ وصيته و لعله لدلالته على السفه و لو عوفي و استمر عليها نفذت:
فلو اوصى لميت أو معدوم أو لما تحمله هذه المرأة أو لمن يولد لفلان بطل ان كانت تمليكية و ابتدائية اما لو كانت تبعية كما لو اوصى بها لولده الموجود و لمن يولد له صحت كما يصح في الوقف أو عهدية كما لو اوصى بصوم أو صلاة عن ذمة ميت صحت أيضا كما تصح للحمل الموجود تمليكا و لا تستقر الا بانفصاله حيا كالإرث فلو ولدته ميتا انكشف بطلانها و المدار على حين الولادة لا حين الوصية و لو تعدد قسمت بالسوية و لو اختلفوا بالذكورية و الأنوثية و لو مات بعد الولادة انتقلت الى ورثته إرثا لا وصية.
ان كان على التمليك اما على العهدية فلا مانع و يكون المعهود اليه
ص: 59
مخيرا في تعيين المعهود له، و لو اوصى لنكره أو كلي كفقير أو الفقير صح و تكون عهدية و التخيير للوصي في المصداق.
فلا تصح الوصية لعبد غيره بناء على عدم ملكية العبد و لا تجدي هنا اجازة المولى، و تصح الى مملوكه فتنصرف الى عنقه فان ساوت قيمته فلا شي ء له و ان نقصت سعى بالباقي للورثة و ان زادت كان له الزائد كل ذلك حيث لا تزيد الوصية على الثلث و الا وقفت على اجازة الورثة في الزائد.
كالوصية للفاسق الذي يستعين على الغش أو الظالم الذي يستعين بها على الظلم أو عمارة البيع و الكنائس و نحوها و تصح الوصية للذمي و ان كان غير رحم لا للحربي و ان كان رحما.
و ان قال على كتاب اللّٰه فبالتفاوت و ان فضل اتبع حتى لو فضل الأنثى و لو اوصى للأخوال و الأعمام و فضل اتبع و ان أطلق فالتسوية و ان قال على كتاب اللّٰه فللأعمام الثلثان و للأخوال الثلث، و لو اوصى في سبيل اللّٰه فليجمع اعمال الخير و التعيين الموصي و الوصية لقرابته و عشيرته و قومه و أرحامه و هكذا مرجعها الى العرف، و الى الفقراء ينصرف الى فقراء ملته، و الجار ساكن الدار مالكا أو غيره و يرجع في تعيينه الى العرف.
ص: 60
أو الاختصاص و قابلا للانتقال فلو اوصى بمال الغير عن نفسه بطل و عن الغير وقف على الإجازة و لا تصح بالوقف و لا بأم الولد و لا بحق القصاص و نحوه من الحقوق كما لا تصح بما ليس فيه منفعة محللة مقصودة للعقلاء اما لخسته كحبة حنطة أو لحرمة الانتفاع به كآلات اللهو و القمار
فتصح بما ستحمله الدابة أو الشجرة و بمنافع الدار في المستقبل مؤبدة أو موقتة و تخرج المنافع من الثلث بتقويم العين مساوية المنفعة ثم تقوم بمنافعها و يكون التفاوت هو الموصى به، و لا يعتبر فيه القدرة على التسليم فتصح بالعبد الآبق و المال الضائع بلا ضميمة، و لا التعيين فتصح بالجزء المشاع و بالكلي و لو في المعين كصاع من صبرة أو صاع من حنطة، و لا المعلومية- فتصح بأحد العبدين أو بما في الصندوق و بالقسط و النصيب و القليل و الكثير و التعيين للوصي أو الوارث بما شاء ان لم يعلم إرادته لمقدار معين و كذا لو اوصى بالعشر من ماله أو الجزء أو السهم.
بمعنى الوصية إليه لا الوصية له و اللازم أيضا النظر في أركانها الأربعة الوصية و الموصي و الوصي و متعلق الوصية.
ص: 61
و اللفظ الصريح جعلتك وصيا على أداء ديوني و إخراج ثلثي و قيما على الصغار من ولدي أو أنت وصي عني و أمثال ذلك، و القبول كما سبق و يكفي عدم الرد فتكون إيقاعا.
فلا تصح من الصغير إلا إذا بلغ عشراً و اوصى بمعروف و لا من المجنون و لا من السفيه و لا من المكره و لا من العبد و لا ممن أحدث بنفسه ما يوجب هلاكه.
مضافا الى ما يعتبر في الموصى له من الوجود و الكمال بالعقل و البلوغ و الرشد و الاختيار و الإسلام و القدرة على القيام بالوصايا بل و العدالة على الأحوط و ان كان الأقوى كفاية الوثوق بأمانته و قيامه بالواجب في الوصية و ان كان غير عدل في نفسه، فلا تصح الوصية إلى معدوم و لا الى المجنون و لا لصغير الا مع ضم كبير اليه فيتصرف و إذا كبر الصغير ليس له حق الاعتراض إذا كان الكبير قد جاء بالوصايا على وجهها كما لا تصح الوصية إلى السفيه و المكره و الكافر مطلقا و العاجز الذي لا يقدر على العمل و لو توكيلا أو استئجارا كالمريض المدنف و الشيخ الهرم و الضعيف رأياً و تدبيراً و أمثال ذلك و من لا يوثق بأمانته و قيامه بالواجب.
ص: 62
كحق الخيار و نحوه و كافة حقوقه الشخصية مثل ولايته على أولاده الصغار و شئون تجهيزه كدفنه و تكفينه و الصلاة عليه و وفاء ديونه و رد ودائعه و المطالبة بها و إضراب ذلك.
فلو أوصى بأكثر وقفت على اجازة الورثة و لو لم يكن له وارث إلا الامام كان له ان يوصي بجميع ماله حيث شاء من وجوه البر و لا تتوقف على إجازة الإمام أو نائبه، و كذا تنفذ وصيته في عامة أمواله فيما لا يزاحم الورثة في جهته المالية كما لو قسم أعيان أمواله على ورثته و خص كل واحد منهم بعين بمقدار حصته و خص ثلثه في دار أو بستان و نحوها مما لا تزيد على الثلث أو باع عينا بثمن المثل منجزا أو بخيار أو اوصى ببيعها بعد موته بثمن المثل فان الجميع نافذ:
فما دام الموصي حيا فلكل منهما الرجوع حتى بعد قبول الموصى له أو اليه اما لو رد في حياة الموصي و بلغه و استمر الى ان مات الموصي فلا وصية و ان قبل بعد الرد و بلغ الموصي و لم يعدل الى غيره الى ان مات لزمته الوصية، و لو اوصى شخصا أو اوصى له و لم يعلمه الى ان مات لزمته حتى مع علم الموصي بأنه لو أعلمه لرد، و لو رد و لم يبلغ رده الى الموصي لزمته أيضا.
حتى في مرض الموت و حتى المحاباة كالهبة و العتق و نحوها و كل تصرف
ص: 63
مالي معلق على الموت كالتدبير و الوقف و الإبراء و النذر و نحو ذلك تخرج من الثلث، و كل تصرف يقصد منه حرمان الورثة أو بعضهم أو يجحف بحقهم فهو باطل و يعلم قصد الحرمان بقرائن الأحوال بنظر الحاكم و اللّٰه العالم.
- تجهيزاته الواجبة من كفن و غيره حتى السدر و الكافور و تقدم على كل شي ء حتى الديون للخالق أو المخلوق ثم تخرج من الأصل أيضا حقوق المخلوق التي في ذمته قرضا أو غيره مع حقوق المخلوق التي فرضها الخالق كالخمس و الزكاة و المظالم و الكفارات و الجميع في رتبة واحدة و إذا لم تف التركة وزعت بالنسبة كغرماء المفلس و منها حجة الإسلام و ما وجب من النذر من المستحبات المالية أو الموقوفة على بذل مال كالحج و الزيارة و ما وجب عليه بالإجارة من صوم أو صلاة و نحوهما، فالحقوق المالية تخرج من الأصل اتفاقا مطلقا (و اما الحقوق البدنية) كالصوم و الصلاة فقد يقال ان المشهور خروجها من الثلث فلو لم يوص سقطت و الأصح انها تخرج من الأصل أيضا إلا ان يوصي بخروجها من الثلث اما المستحبات فتخرج من الثلث اتفاقا لو اوصى بها أو نذر الوصية بها.
و ان لم يصرح به و إذا صرح أو لم يصرح بمصارف الثلث فاللازم الرجوع الى حاكم الشرع حتى يوزعه على الحقوق المالية
ص: 64
و البدنية ان كانت عليه كما هو الغالب و لم يخرجها الورثة من الأصل كما هو المتعارف و إذا لم يكن عليه واجبات يوزعها الوصي بنظر حاكم الشرع في المستحبات فإنه أعرف باختلاف المقامات و رعاية المناسبات و تشخيص الأهم فالأهم، و إذا لم يف الثلث بالواجبات تعين أخذ التتمة من الأصل.
فإن تناقضت كما لو قال ثلثي لزيد ثم قال لعمرو فالعمل على الأخيرة و يكون عدولا و الا تعين العمل بالجميع، و ان كان فيها واجب و مستحب قدم الواجب و ان تأخر بالذكر و ان كانت كلها مستحبات و لم يف بها الثلث و لم تجز الورثة قدم الأهم فالأهم فإن تساوت قدم الأول فالأول فإن تساوت كما لو قال لكل واحد من أرحامي مائة وزع عليهم و ان لم يمكن فالقرعة كما لو علم الترتيب و اشتبه.
أو بعدها حتى من الحقوق كحق التحجير و الشفعة و الخيار و القصاص و أرش الجنابة إذا كان وليا على المجني عليه فمات قبل الاستيفاء و أمثال ذلك بل و حتى ما يملكه أو يدخل في حكم ملكه بعد الموت كدية الخطأ بل و العمد مع الصلح اما دية قطع رأسه فهي له أجمع، كالجنابة عليه بعد موته و ما يملكه بسبب سابق على الموت كما لو نصب شبكة للصيد أو لاحق كما لو أبرأه الغرماء أو تبرع متبرع بوفاء دينه.
ص: 65
ان كان بتفريط الورثة فالضمان عليهم و ان كان بتقصير الوصي فعليه و الا فالتلف على الجميع حتى الثلث بالنسبة فيلحق النقص بالوصايا على نسبتها أيضا.
حتى في حياة الموصي و لو أجاز البعض فقط نفذ في حصته كما يجوز للجميع اجازة البعض أو البعض البعض، اما الرد فلا اثر له في حياة الموصي و لهم الإجازة بعد موته و لو وقع بعد موته فلا اجازة بعده و هي تنفيذ لفعل الموصي لا ابتداء عطية من الوارث فلا تجري عليها أحكام الهبة من اعتبار القبض و جواز الرجوع و ينتقل الملك فيها من الموصي الى الموصى له لا من المجيز فلو كان ممن ينعتق عليه لم ينعتق بالإجازة، و هي كاشفة لا ناقلة، و لا عبرة بإجازة الصبي و المجنون اما السفيه و المفلس ففيه خلاف و العدم أقرب.
نعم يمكن حرمانه من الثلث ان تركه للورثة.
فإن رجع الموصي كان المال له و لورثته و لا حق لورثة الموصي له أصلا و ان لم يرجع فالقاعدة و ان اقتضت البطلان و لكن المشهور انتقال حق القبول للورثة لرواية قاصرة الدلالة و السند و العمل على المشهور أرجح بناء على ان القبول حق فينتقل الى وارثه و ان كان لا يخلو من نظر، و ان مات بعد الموصي انتقل المال الموصى به الى ورثة الموصي له بناء على الانتقال
ص: 66
بموت الموصي مطلقا و لو قبل القبول و القبض، و المدار على الوارث حين موت الموصي لا الموصى له و من الموصي ينتقل إليهم لا الى مورثهم ثم إليهم و ان كان الانتقال اليه ثم إليهم لا يخلو من وجه و يظهر الأثر في وفاء ديونه منه و ثلثه و استحقاق الزوجة منه و عدمه لو كان أرضا و غير ذلك من الثمرات.
فلا يضمن ما يتلف بيده بغير تقصير منه، و لو كان له دين على الميت جاز ان يستوفيه من دون بينة و لا مراجعة حاكم و كذا يقضي ديونه التي يعلم بها و رد ودائعه إلى أهلها ورد المغصوب و العارية إلى مالكه، و ان يشتري بالقيمة العادلة لنفسه و ان يقترض من التركة و ان يأخذ أجرة المثل لعمله ان كان مما له اجرة عرفا و الاولى للغني ان يستعفف و للفقير ان يأكل بالمعروف و الأحوط في جميع ذلك مراجعة الورثة في أكثر تلك الموارد كوفاء الديون و نحوها دفعا للتهمة، و هو كالوكيل لا يجوز له ان يتعدى ما نص عليه الموصي و ما حدده فان تعدى ضمن و مع الإطلاق فلا يتجاوز المتعارف و حيث لا متعارف عمل برأيه طبق المصلحة و ليس له ان يوصي الى غيره الا إذا صرح له الموصي بذلك و الا فالوصية بعده لحاكم الشرع كما انه لو فسق أو خان فالأحوط بل لعله أقوى رجوع الأمر إلى الحاكم فاما ان يضم إليه أمينا و اما ان يعزله الا ان يكون الموصي قد اشترط عدالته فينعزل بالخيانة و الفسق قهرا و يستقل الحاكم بها.
ص: 67
و لا تصح من الأب مع وجود الجد الجامع لشرائط الولاية و لا من الجد مع وجود الأب كذلك و لا من الام و لا سائر الأرحام و إذا فقدا و لم يعينا قيما فالولاية لحاكم الشرع لا غير و له الإنفاق عليهم بالمعروف و القول قوله في الإنفاق و قدره مع بقائه على الامانة و لا يضمن الا مع التقصير في قدره و تلفه و ما أنفق منه كل ذلك بيمينه إذا نازعوه بعد كبرهم و لا يدفع لهم أموالهم إلا بعد ثبوت بلوغهم و رشدهم، و لو ادعى الدفع فانكروه فالقول قولهم بيمينهم.
و غيرها تخرج من الأصل و لا تتوقف على اجازة الورثة و كذلك إقراراته مع عدم التهمة، و عندنا ان المقامات تختلف فالأولى بل الأحوط الرجوع في مثل هذه المقامات الى حاكم الشرع لتشخيص ان التصرف على حقيقته أو الغرض منه الحرمان أو شي ء آخر فيعطي لكل نوع حكمه.
و لكن الأرجح أو الأوجب للمؤمن ان يكون هو وصي نفسه و لا يتكل على غيره من قريب أو بعيد فيأتي بكل ما يمكن تنجيزه من وفاء ديونه و أداء الحقوق التي عليه من خمس أو زكاة أو مظالم أو غيرها و يقضي فوائته من الصوم و الصلاة مع التمكن ورد الأمانات إلى أهلها
ص: 68
فإن تعذر عليه شي ء من ذلك أو كله عهد به موضحا و مفصلا إلى ثقة أمين و لا يوصي وصية مجملة مبهمة تستوجب حيرة الوصي و حاكم الشرع كما هو المتعارف في هذا الزمان خصوصا عند الاعراب و اللازم على أهل العلم المترددين عليهم ان يعلموهم و يوضحوا لهم شئونها و ما يلزم بيانه و ما يصح مما لا يصح فيها فان اللّٰه عز شأنه ما أوجب على الجهال ان يتعلموا حتى أوجب على حملة العلم ان يعلموا، و ليكن هنا ختام مباحث الوصية سائلين من الحق تقدست عظمته ان يختم لنا بالحسنى و يجعلنا من خيرة الأوصياء و الموصين و العلماء العاملين و هو حسبنا و نعم الوكيل
ص: 69
و قد جرت عادة الفقهاء على التعبير عن هذا العمل الخيري بهذا العنوان الذي لم يرد التعبير به في الكتاب الكريم أصلا، و لا في السنة و الحديث الا نادرا و انما التعبير الشائع عنه في السنة و أحاديث الأئمة سلام اللّٰه عليهم هو الصدقة و الصدقة الجارية، و في أوقاف أمير المؤمنين و الزهراء سلام اللّٰه عليهم هذا ما تصدق به علي و فاطمة و وردت أخبار كثيرة في فضله و الحدث عليه و لكن بعبارة (الصدقة الجارية) و انه لا ينفع ابن آدم من بعده الا ثلاث ولد صالح و علم ينتفع به و صدقة جارية و قد استفاض هذا المضمون في اخبار أهل البيت (ع) و لكن المؤسف ان هذا المشروع الخيري قد انعكس و صارت الأوقاف الخيرية العامة اكلة و العوبة بأيدي المتنفذين يستغلونها لأنفسهم و ينفقون أكثرها في شهواتهم، و لا حسيب و لا رقيب و لا سامع و لا مجيب، أما الأوقاف الخاصة فقد صارت من أقوى أسباب الفتن و الفساد و البغضاء و الشحناء بين الأقارب و من أشد دواعي تقاطع الأرحام و إثارة الدعاوي و الخصومات بل كثيرا ما ينجر الى خراب الوقف و اضمحلاله فضلا عما يترتب عليه من تلف الأموال بل و النفوس، كل ذلك من الجهل الفاشي و غلبة الحرص و الاستبثار
ص: 70
و مصارع العقول (كما يقال) تحت بروق المطامع، فلا حول و لا قوة و قد عرفت في بعض الأجزاء المتقدمة- ان التمليك المجاني ان كان لا بقصد القربة فهو الهبة و ان كان بقصد القربة أو لزومها فهو الصدقة بمعناها العام و هي نوعان منقول و هو واجب و مستحب فالواجب الزكاتان زكاة الأموال المنوه عنها بقوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ الى آخرها، و زكاة الأبدان المشار إليها بقوله عز شأنه قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى، و الصلاة في الكتاب الكريم دائما أو غالبا مقدمة على الزكاة إلا في هذا المقام لأن الفطرة يجب تقديمها على صلاة العيد، اما المستحب فهي الصدقة المتعارفة كإعطاء درهم أو كسرة خبز و نحوها للفقير، و اما غير المنقول كالدار و العقار و نحوها و هي أيضا نوعان فإنه إذا أخرج العين من ملكه و ملكها لغيره بقصد القربة و الدوام فهو الوقف و ان لم يملك القربة بل ملك المنافع فقط مدة معينة فهو الحبس و فروعه من العمرى و الرقبى و السكنى- هذا على طريقة المشهور من ان الوقف إخراج عن الملك و تمليك للغير و جعلوا الفرق بينه و بين الحبس كالفرق بين البيع و الإجارة و من أجل هذا وقعوا في محاذير أشكل عليهم التفصي عنها، و التحقيق عندنا ان الوقف ليس إخراجا عن الملك و لا تمليكا للغير بل هو تقييد الإنسان ملكيته المطلقة، فأنت حين تملك دارك تملكها ملكية مطلقة صالحة للنقل و الانتقال حسب إرادتك فتبيعها أو تهبها و تفعل بها ما تشاء و حين أوقفتها أو وقفتها قيدت
ص: 71
ملكيتك فلا تقدر على بيعها و لا رهنها و لا اي تصرف بتعلق برقبتها فهذه ملكية واقفة مقيدة و تلك متحركة مطلقة لان المالك قيد نفسه و منعها بالوقف عن التصرف فيها من حيث النقل لا انه أخرجها عن ملكه نعم ملك منافعها لغيره فالوقف من هذه الجهة مثل التحبيس و أنواعه و هذا المعنى هو المطابق تماما لما في الحديث النبوي (حبس الأصل و سبل المنفعة) نعم يفترق الوقف عن الحبس من وجهين (الأول) انه في الوقف منع نفسه عن التصرف بالعين مع بقائها في ملكه بخلافه في التحبيس فإنه بتصرف بها كيف شاء (الثاني) انه ملك المنافع للغير في الوقف ملكية دائمة في التحبيس ملكية موقتة و بهذا التحقيق تنحل جملة من المشكلات التي سيأتي الإشارة إلى بعضها،، ثم ان مطلق الوقف على نوعين خاص- و عام- فالخاص ما كان على افراد معينين متعاقبين و العام ما كان على الجهات العامة كالقناطر و المساجد و المدارس و يلحق بالعام ما كان على كلي كالفقراء و طلاب العلوم.
و اللازم النظر في أحكام الوقف المشتركة بين جميع أنواعه و بيان أركانه الأربعة صيغة الوقف- الواقف. و الموقوف، و الموقوف عليه، ثم الأحكام العامة فهنا خمسة فصول.
ص: 72
فلا يصح بدونها و اللفظ الصريح هو وقفت أو تصدقت و اختلفوا في كفاية مثل حبست و أبدت و الأصح كفاية كل لفظ يدل عليه و لو بالقرينة مع قصد معناه و لا يلزم العربية و لا الماضوية و تكفي الجملة الاسمية مثل قول القائل داري وقف قاصداً بها الإنشاء، و كذا لو قال حبست داري و قصد الوقف مع القرينة.
كما لو دفع الدار قاصدا انها وقف عليه نعم ذكر بعض الفقهاء انه لو بنى مسجدا و اذن للناس بالصلاة فصلى فيه مسلم صح الوقف و صار مسجدا و كذا في القناطر و الخانات و أمثالها من الخيرات العامة و كذا في مثل الحصر و البواري و كل ما يلزم للمساجد و المشاهد من الآلات و الأصح عندنا انها وقف عملي على الجهة و يصح بهذا النحو من المعاطاة في مثل هذه الأشياء و لا يطرد في غيرها.
و القبول في الوقف الخاص يكون من المتولي و في الأوقاف العامة من حاكم
ص: 73
الشرع، و الأصح عدم لزومه و ان كان هو الأحوط و الوقف على الصغير يكفي فيه قبول وليه.
و خالف فيه السيد الأستاذ قدس سره للإطلاقات و الأقوى عندنا اعتبارها لما عرفت من ان الوقف صدقة و الصدقة قوام حقيقتها بالقربة و بها تمتاز عن الهبة فقصد القربة في جميع أنواع الوقف لازم و هي ممكنة حتى من الكافر.
و قد عرفت ان جميع التمليكات المجانية لا تحصل و لا تصح الا بالقبض و هو شرط الصحة فلو أوقف و مات الواقف أو الموقوف عليه قبل القبض لم يكن لوقفه اي اثر و يكون ميراثا ففي الخبر كل ما لم يسلم فصاحبه بالخيار و كل ما سلم فلا خيار فيه، و لا يشترط في القبض الفور فيصح و لو اقبضه بعد مدة طويلة.
ان كان الوقف بيده و الا احتاج الى قبض جديد و لو كان الوقف بيد الموقوف عليه أو وكيله أو وليه كفي، و لو وقف مسجدا أو مقبرة كفى في لزومه صلاة واحدة و دفن ميت واحد بقصد كونه مسجدا أو مقبرة، و الوقف على الجهات العامة لا بد فيه من قبض المتولي أو حاكم الشرع أو وكيله.
بمعنى عدم توقيفه بمدة قلت
ص: 74
أو كثرت و هو داخل في حقيقة بمعنى جعل الملك واقفا لا يتحرك ابدا و هو المائز بينه و بين الحبس الذي هو إيقاف منافعه مدة معينة
كما لو وقف على أولاده الصلبيين و لم يذكر من بعدهم فقيل يكون وقفا منقطع الآخر و قيل حبساً ثم يعود اليه أو الى ورثته و قيل يبطل رأسا و خيرها أوسطها و بشكل عوده بناء على المشهور من خروجه عن ملك الواقف و ينحل على طريقتنا.
فلو علقه على شرط كقدوم زيد أو صفة كأول الشهر لم يصح على المشهور نعم لو علقه على صفة حاصلة كيوم الجمعة فإذا قال ان كان هذا يوم الجمعة فهو وقف صح
و استدلوا باخبار لا دلالة فيها و حيث ان حقيقة الوقف هو تغيير نحو الملكية فلا مانع من جعل ملكه واقفا عليه و على جماعة مخصوصة لا ينتقل عنه و عنهم الى غيره فان تم الإجماع فهو و الا فلا مانع.
و اشترط أداء ديونه من غلة الوقف فالمشهور البطلان و كذا لو اشترط إدرار مئونته لأنه يعود الى الوقف على النفس و اللازم هنا التفصيل بين ما لو وقفه ان عليهم و على إيفاء ديونه فيبطل الثاني فقط و ان وقفه عليهم و اشترط يؤدوا دينه أو يقوموا بنفقته فالصحة، و لو اشترط إدرار مئونة عياله أو وفاء دينهم صح و لو كانوا واجبي النفقة، و لا فرق بين كون الديون
ص: 75
للناس أو حقوقا شرعية كالخمس و الزكاة و الحج و نحوها سواء اشترط أدائها في حياته أو بعد مماته و كذا لو اشترط الزيادة أو قرائه القرآن عنه أو على قبره و الوقف في جميع هذه الصور وقف خاص و ليس من الوقف العام الخيري.
و ان لم يجعل متوليا فالولاية في الوقف العام لحاكم الشرع و في الخاص للموقوف عليهم فان تشاحوا و لم يتفقوا رجع الأمر أيضا الى الحاكم و يجوز ان يعين مقدارا من غلة الوقف للمتولي و لو نفس للواقف و ليس هو من الوقف على النفس بل على العنوان و هو حق التولية زاد عن اجرة عمله أو نقص و لو عين له مقدارا كمائة درهم و لم تزد علة الوقف على ذلك لوحظ اجرة أمثاله و أخذ بالنسبة و حق التولية جزء من الوقف لا استثناء من الوقف.
فيوقف النخيل مثلا من حيث ثمرها لا من حيث حطبها و كربها و البقرة من حيث لبنها لا من حيث حرثها و الكتاب من حيث المطالعة لا الاستنساخ فتبقى ما عدي الجهة الموقوفة على ملكه و لكن لا حق له في بيع العين و ان كانت أكثر منافعها مملوكة له، و الوقوف على ما يقفها أهلها واف بصحة ذلك.
يجوز للواقف الانتفاع بها كسائر الناس اما الوقف
ص: 76
على العنوان مثل الفقهاء و الفقراء و طلبة العلوم ان كان منهم أو دخل فيهم فان كان الوقف على التوزيع أشكل دخولهم على المشهور و ان كان على نحو الجهة و المصرف جاز على الأصح و كذا لو وقفه على امام المسجد و نحوه و صار هو امام المسجد.
و قيل بالبطلان و قيل يصح حبسا و هو الأصح بناء على اعتبار التأييد في الوقف و بناء على عدمه فالأول و في بعض الاخبار دلالة على الثاني و لا يبعد حمله على الحبس لا البطلان مطلقا
و الاختيار و الحرية و عدم كونه محجورا لفلس أو سفه، و في بعض الاخبار صحة وقف من بلغ عشرا كصحة وصيته و هو مع ثبوت رشده متجه، و يصح وقف الكافر إذا حصلت منه نية القربة حتى لو كان على البيع و الكنائس و بيوت النيران و أمثالها.
ص: 77
به مع بقاء عينه فلا يصح وقف شي ء من المنافع مثل سكنى الدار و ركوب الدابة و لا وقف الأعيان التي لا ينتفع بها إلا بإتلافها كاعيان المأكولات قاطبة و المشروبات أيضا و لا يصح وقف الدين مع بقائه على هذا العنوان و لا وقف الكلي في ذمة الواقف لعدم الانتفاع به الا بتشخيصه، و مناقشة السيد الأستاذ قدس سره في ملحقات العروة واضحة الضعف، و لا حاجة الى الإجماع بل في الأصل و القاعدة كفاية.
فلو قال وقفت شيئا أو دارا أو عبدا لغا و لا وقف عبد من عبدين و دار من دارين و لا وقف الكلي في المعين كمائة ذراع من هذه الأرض كل ذلك للأصل و عدم عموم يصلح لشمول مثل هذه الفروض النادرة و المعلومية و عدم الجهالة معتبرة في جميع العقود و مناقشات الأستاد لا محل لها.
مطلقا سواء وقف مشاعا في المعين أو مشاعا في المشاع نعم لا يصح الإبهام كما لو وقف حصته في داره.
فلا يصح للمسلم وقف الخنزير مثلا و لو على الكافر نعم لا يصح من الكافر على الكافر و كذا لا يصح وقف الأعيان التي لا قيمة لها اما لكرامته كالحر أو لخسته كالكلب و الحشرات و ما يلحق بها من المستقذرات و ان يكون مملوكا له فعلا فلا يصح وقف مال الغير الا على نحو
ص: 78
الفضولية ان قلنا بعمومها.
فلا يصح وقف الطير في الهواء و ان كان مالكا له إذا كان مما لا يعود عادة و لا العبد الآبق كذلك و لو مع الضميمة و ان صح بيعه معها و لا العين المغصوبة التي لا يقدر عادة على ردها لا هو و لا الموقوف عليه
فلا يصح وقف مثل الورد و الريحان و أمثالها مما لا تبقى الا زمنا قليلا.
و يجب إتلافه كالأصنام و آلات القمار و اللهو، و ان تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يجوز وقف الدار أو الدكان لبيع الخمر أو آلات القمار فيه و الدابة لحمل الخمر و الخنزير عليها.
و لكن لا يصح بعد وقفها الشراء بها و لا اقراضها و لا رهنها لان الوقف لا يصلح للنقل و الانتقال نعم يصح إعارتها و إجارتها و نحو ذلك مما لا يوجب نقل عينها.
كالفسيل المغروس و نحوه نعم لا يصح وقف الخضراوات و نحوها مما لا ينتفع به الا بجذاذه
فلا يصح وقف العين المرهونة و لا أم
ص: 79
الولد و لا المكاتب و يجوز وقف المدبر و يكون رجوعا.
فلا يصح على المعدوم الذي يمكن وجوده كمن يولد له من هذه المرأة فضلا عن المعدوم الذي لا يمكن عادة وجوده و لا على الموجود الذي صادف موته حين الوقف بل ظاهرهم الإجماع على عدم صحة الوقف على الحمل مع أنهم أجازوا الوصية له.
اما المعدوم فلعدم أهليته للملكية لأنها عرض لا بد له من موضوع موجود مضافا الى عدم إمكان القبض و كذلك الحمل و للمناقشات هنا مجال واسع و لكنك عرفت ان الأصل في كل مورد من موارد الشك عدم الصحة أو العمومات قاصرة، و هذه الفروع نادرة، لم يرد بها سيرة و لا سنة فالعمل بها هو المشهور من عدم الصحة متعين.
و لو وقف على موجود و بعده على معدوم أو بدء بالمعدوم بطل في المعدوم بلا إشكال أما الموجود فقولان و لو قيل بالصحة حبسا في الأول بل و في الثاني كان له وجه.
فلو قال وقفته
ص: 80
على أولادي الموجودين و على من يولد لي صح بل لو قال و هم بعد وجودهم مقدمون في الوقف على الموجودين صح أيضا كما يصح على أولاده نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن فيكون وقفا على الطبقات تشريكا أو ترتيبا، هذا هو الشرط الأول من شروط الموقوف عليه اعني الوجود
فلا يجوز الوقف على المملوك بناء على عدم ملكيته و لا على الحربي و لا المرتد الفطري بناء على عدم أهليتهم للتملك و في الجميع نظر، و عدم جواز الوصية له كما في صحيحة محمد ابن قيس «لا وصية لمملوك» لا يقتضي عدم جواز الوقف عليه الا على القياس الفاسد.
و هو شرط في عامة العقود بل و في عامة الإيقاعات لأن معانيها كالاعراض الخارجية التي لا تتحصل إلا في موضوعات متعينة ذهنا أو خارجا و مفهوم أحدها لا يتعين فيه أصلا فما اختاره الأستاد قدس سره من الصحة غير سديد.
أو مع العلم بأنه يستعين به على المعصية.
لا من حيث كفره إذا لم يكن فيه اعانة له على المعاصي أو مساعدة على الكفر سواء كان رحما أم لا ذميا أو غيره لانه من البر و الإحسان
ص: 81
المحبوب شرعا لمطلق الإنسان بل حتى للحيوان المؤيد ذلك بكريمة قوله تعالى لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ و لا تعارضها آية لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ فإن النهي عن المودة من حيث المحادة لا من حيث البر و الإحسان أو تأليف القلوب و نحوها من الجهات الراجحة عقلا و شرعا اما الوقف عليهم بالعناوين العامة كالفقراء أو الغرباء و نحو ذلك مما علم قصد الواقف العموم فلا ينبغي الإشكال فيه.
و فيه مقصدان)
و هي تتعلق بجهة الموضوع و لا بد من)
اعلم ان المدار في الألفاظ التي يستعملها الواقف أو الموصي أو الواهب في إنشاء الوقف و الوصية و الهبة و نحوها انما هو على ما قصده المتكلم من اللفظ لا على ما هو الموضوع لغة أو عرفا فإذا كان معنى الفقر مثلا لغة أو شرعا هو من لا يملك قوت سنة و قصد الواقف منه
ص: 82
في صيغة الوقف خصوص من لا يملك قوت يومه فالوقف يختص بما قصده من لفظ الفقير لا ما هو مدلوله شرعا أو لغة و هذا هو المعيار لا في الوقف و أخواته فقط بل عليه المدار في سائر العقود حتى البيع و الإجارة و أضرابها و لعله يندرج في قولهم العقود تابعة للقصود، هذا إذا علم مراد المتكلم و قصده من اللفظ حقيقة أو مجازا أو غلطا، اما حيث لا يعلم المراد فهنا تأتي قضية الوضع لغة أو عرفا فان كان للفظ عرف خاص للمتكلم حمل عليه و الا فالعرف العام و الا فالمعنى اللغوي كل ذلك حيث لا قرينة حال أو و مقال تعين مراد المتكلم و إذا كان له معنى شرعي و معنى لغوي مثلا و تردد معنى اللفظ بينهما و لا قرينة صار مجملا يرجع في القضية إلى الأصول الموضوعية أو الحكمية و لو وقف على الفقير و تخيل ان معناه لغة أو عرفا هو من لا يملك قوت يومه و كان معناه في الواقع عند العرف أو اللغة من لا يملك قوت شهره مثلا فان قصد الوقف على المعنى الذي نخيله تعين و ان قصد الوقف على المعنى الواقعي و تخيله هو من لا يملك قوت يومه من باب الخطأ في التطبيق فالوقف يكون على ما هو معناه واقعا لا ما تخيله فليس المدار على الواقع مطلقا كما في عبارة السيد الأستاد «قده» بل يختلف الحال باختلاف نحو القصد و اتجاهه فتدبره فإنه نافع في كثير من الموارد.
فالمسلم لفقراء المسلمين و هكذا بل الى فقراء مذهبه فالإمامي إلى فقراء
ص: 83
الإمامية و هكذا الا ان يكون ظهور حال أو مقال في إرادة عموم الفقراء كما هو مقتضى وضعه و كذا لو وقف على فقراء قرية أو بلد فان لم يكن فيها من أبناء مذهبه أحد مع علمه كان قرينة على العموم و مع عدم علمه فالأرجح العموم أيضا و الأحوط الانتظار.
فالظاهر ارادة التوزيع بالاستيعاب و ان كانت غير محصورة فالظاهر ان الوقف على الجهة و بيان المصرف فيجوز حينئذ دفعه الى واحد أو اثنين الا ان يكون المال كثيرا عرفا فاللازم صرفه على جماعة معتد بها و ان لم يلزم الاستيعاب و لا المساواة بين الافراد كما في المحصورين و لو كان للمتولي ولاية مطلقة فله الترجيح بالفضل و الفقر فيأخذ بقاعدة (المعروف على قدر المعرفة).
من جميع المذاهب في الفروع و الأصول فيشمل الأشعرية و المعتزلة و الإمامية و الظاهرية كما يشمل المذاهب الأربعة أو الخمسة في الفروع الا من أنكر ضروريا من ضروريات الذين كوجوب الصلاة أو الحج أو محبة أهل البيت سلام اللّٰه عليهم أو غالى فيهم فاتخذهم أربابا فإن هؤلاء شر من أولئك فالجميع من النواصب و الغلاة كفار و ان انتحلوا الإسلام و شهدوا الشهادتين نعم يشمل المستضعفين من النساء و الأطفال حتى المحكوم بإسلامهم بالتبعية و لو كان الواقف ناصبيا أو خارجيا أو مغاليا فلا يبعد شموله لأبناء نحلته
ص: 84
و خصه بعض علمائنا بالمحقين من المسلمين إذا كان الواقف منهم و فيه نظر، و لو وقف على الشيعة اختص اليوم بالإمامية و ان كان في الاصطلاح القديم يشمل الزيدية و غيرهم ممن يقول بامامة علي و أولاده عليهم السلام كالاسماعيلية و غيرهم و ان لم يقل بالاثني عشر نعم لو كان الواقف من غير الإمامية يشمل أبناء نحلته قطعا و في شمول غيرهم تأمل أقربه الشمول.
و لا يختص بالجهاد و يكون التخصيص و الترجيح لبعض دون بعض منوطا بنظر المتولي و لو استعان بمراجعة حاكم الشرع لتعيين الأهم فالأهم كان أولى
و إذا قال الأقرب فالأقرب فعلى طبقات الإرث و إذا وقف على اخوته دخل إخوة الأب و الام و الاخوة من كل منهما و لا يدخل أولادهم و كذا الأعمام و الأخوال و الأجداد و الجدات و لو وقف على أولاده فالذكور و الإناث بل و الخنثى و الجميع بالسوية الا ان يقول على ما فرض اللّٰه فيجري مجرى الإرث و له ان يفضل الإناث على الذكور و لو وقف على البنين أو البنات لم تدخل الخنثى و لو وقف عليهما دخلت بناء على عدم كونها طبيعة ثالثة و لو قال على أولادي اختص بالصلبي و قيل يعم ولد الولد و الأصح الاعتماد على القرائن و الا فالأخذ بالمتيقن لو تحقق الإجمال و لو قال على أولادي
ص: 85
و أولاد أولادي تسلسل في عقبه، و لو قال على أولادي فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولادي فعلى الفقراء فهو وقف على الأولاد و أولاد الأولاد تشريكا و بعد انقراضهم اجمع يكون للفقراء و لو وقف على من ينسب اليه لم يدخل أولاده عند المشهور، و الإرجاع الى ما عند العرف اولى و هو يختلف باختلاف الأحوال و المحال و كذا لو قال على الهاشميين أو العلويين و كذا لو قال على العلماء ففي بعض البلدان لا ينصرف الا الى فقهاء الشرع و في غيرها الى غيرهم أو الأهم منهم.
فله النصف و قيل الثلث أو الرابع نظرا إلى أقل الجمع و الأول أقرب اما لو وقف على زيد و أولاد عمرو و هم محصورون فعلى الرءوس و يحتمل النصف و كذا لو وقف على أولاد زيد و أولاد عمرو يحتمل الفرق بين هذا و بين قوله أولاد زيد و عمر ففي الأول التنصيف و في الثاني على الرءوس و الظاهر في هذه الموارد ان الوقف على التوزيع المقتضى للتسوية لا المصرف.
أربعين ذراعا أو أربعين دارا من كل جانب و الأصح إرجاعه إلى العرف و مع الشك فالأخذ بالمتيقن و الجار هو ساكن الدار لا مالكها و القسمة مع الإطلاق بالسوية.
مع
ص: 86
الحاجة و الا ففي مصالحها من فرش و ضياء و نحوه و إذا عين مصلحة تعينت و الوقف على ميت حيث يصح ففي واجباته أو الخيرات عنه
و إذا أطلق فالتشريك و المساواة حتى بين الذكور و الإناث نعم لو قال على أولادي ثم على أولادهم فالظاهر الترتيب بينهما بل مطلقا، و لو قال على أولادي طبقة بعد طبقة أو نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن فقيل هو قيد الوقف فيقتضي الترتيب و قيل للأولاد فالتشريك و الغالب ان الواقفين يريدون منه التأبيد بقرينة قولهم بعدها الى ان يرث اللّٰه الأرض و من عليها و لا يدل على تشريك و لا ترتيب و على كل فان ظهر مراد الواقف تعين و مع الشك فالإطلاق يقتضي التشريك و الإهمال يقتضي الأخذ بالمتيقن و هو الترتيب و إعطاء الطبقة الأولى نصيبهم على فرض التشريك و قسمة الباقي بينهم و بين الطبقة المتأخرة بناء على الصلح القهري متجه، و لو قال في صورة الترتيب من مات فنصيبه لولده فاللازم مشاركته لأعمامه و يصير ترتيبا و تشريكا فالولد يشارك عمه و لا يشارك أباه، و لو تردد الموقوف عليه بين شخصين أو عنوانين فالقرعة أو القسمة بينهما لقاعدة الصلح القهري و هو القاعدة في كل مال مردد بين شخصين أو أشخاص محصورة هذا بعض الكلام في الموضوعات.
ص: 87
و فيه فصول
و ان يجعل متوليا من بعده متسلسلا و منقطعا و إذا لم ينصب متوليا في صيغة الوقف فهل التولية له أو للموقوف عليهم أو للحاكم أقوال و الأصح بناء على بقاء العين على ملكيته انها له و على انتقالها فللموقوف عليهم و مع التشاح فللحاكم هذا في الوقف الخاص اما العام فلا إشكال في أنها للحاكم الشرعي مطلقا و لكن الانتفاع بمثل الخانات و المساجد و القناطر و الشجر للاستظلال لا يحتاج الى استيذانه و انما له الولاية على إصلاحها و حفظ شؤنها و ما يوجب بقائها نعم في مثل المدارس و الفنادق و نحو ذلك لا بد من استيذانه أيضا
فعلى الأول لا يتصرف أحدهما إلا بموافقة الآخر و على الثاني ينفذ تصرف السابق و مع الاقتران و التنافي يبطلان معا و إذا مات أو جن أحدهما يلزم الحاكم ان يضم بدله الى الآخر و على الثاني لا يلزم و لكنه الأحوط و مع الشك في الاستقلال أو الاشتراك
ص: 88
فإن أطلق فالاستقلال و مع العدم فالاشتراك و الأحوط الرجوع الى الحاكم أيضا.
إلا إذا جعل الواقف له ذلك في صيغة الوقف و لا يشترط في المتولي العدالة الا ان يشترطها الواقف نعم لو ظهر عجزه أو ثبت عند الحاكم خيانته عزله و نصب أمينا، و يجوز للمتولي توكيل غيره الا إذا اشترط الواقف المباشرة، و لا يجب على من جعله الواقف متوليا القبول بل له الرد و لكن إذا قبل لزمه العمل، و لا يجوز للواقف ان يجعل التولية لمن يعلم بخيانته و عدم أمانته و لو جعله متوليا رجع الأمر إلى الحاكم.
و لكن إذا شرط إخراج من يريد فالبطلان و الأصح الصحة في المقامين لعموم الوقوف على ما يقفها أهلها و لبعض الأخبار الخاصة، نعم لا يجوز ذلك بدون الشرط في عقد الوقف لانه تغيير للوقف بعد تحققه و لكن في جملة من الاخبار ان له ذلك و هي مع اعراض المشهور معارضة بما هو أقوى منها فالمنع متعين.
ص: 89
فلو شرط في الوقف ان له ان يرجع متى شاء بطل نعم له ان يشترط في الموقوف عنوانا كالفقر أو العدالة فإذا زال العنوان زال الوقف عنه و إذا لم يبق لذلك العنوان مصداق صار نظير منقطع الآخر فيرجع للوارث أو ورثته و صرفه في وجوه البر أو وقف آخر برضاهم اولى.
فيزول الوقف بزوالها و كذلك الشروط في العين الموقوفة فلو وقف البستان بهذا العنوان أو النخلة ما دامت مثمرة ثم انقطع ثمرها أو زال وصف البستان عن العين زال الوقف و التحقيق في أمثال هذا انه ان ظهر منه اعتبار العنوان على نحو الشرطية صريحا أو دلالة فالوقف يزول بزوالها و ان أطلق فعرصة البستان باقية على الوقفية و كذلك الجذوع و لذا قالوا إذا انهدمت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف لأنها من جملة الموقوف فينتفع بها على وجه آخر من زرع و غيره و لا فرق عندنا بين كون لأرض خراجية أو غيرها، و كذلك المسجد إذا انهدم لا تخرج عرصته عن المسجدية و تجري جميع احكام المسجد عليه.
و هو معنى آخر غير الوقف فإنه قد يعود ملكا بأسباب و لكن الحر لا يعود الى الرق ابدا و كذلك المساجد و المشاهد و المشاعر لا تعود ملكا بوجه من الوجوه و من الغريب جدا ما ذكره الأستاد «قده» من صحة جعل
ص: 90
منفعة الأرض المستأجرة مائة سنة مثلا مسجدا و كذا جعل الأرض مسجدا إلى مدة ثم تزول المسجدية مع ان من القواعد المسلمة انه لا وقف إلا في ملك و انه لا يصح وقف المنافع و ان الوقف يقتضي التأبيد هذا في الوقف و هو أهون من المسجدية التي هي تحرير مؤبد، و أغرب من ذلك تصريحه بجواز بيع المسجد في صورة خرابه أو عروض مانع من الصلاة فيه و إذا غصبه غاصب لا يمكن انتزاعه منه و انه يجوز إخراجه عن المسجدية لو غلب عليه الكفار فيباع صونا لحرمته الى آخر ما أفادا على اللّٰه مقامه و كل هذا مخالف للقواعد المسلمة التي تكاد تكون من أصول المذهب و خلاف ما هو المعلوم من طريقة الشرع ضرورة أن كفران النعم، و طغيان الأمم و تمرد الناس عن احكام الشرع الشريف و الدين الحنيف، لا يغير الأحكام الكلية و النواميس الثابتة الأبدية هذا إلى الإجماعات المحصلة فضلا عن المنقولة على عدم جواز بيع المساجد و عدم زوال المسجدية ابدا نعم يمكن في تلك الفروض النادرة و أمثالها مراجعة حاكم الشرع الذي هو الولي العام لتخريج صورة يطبقها على القواعد من دون الخروج عليها و الاصطدام بها و اللّٰه العالم و الحاكم و به المستعان.
و عناوين يزول الوقف بزوالها كما لو قال وقفته على أولادي الفقراء أو العلماء أما الأفعال فإن جعلها أوصافا فهي كذلك و لو جعلها شروطا كانت إلزاما فلو قال على أولادي المصلين فتارك الصلاة خارج و لو
ص: 91
قال بشرط ان يصلوا فالتارك عاص للّٰه عز شأنه و للواقف و لكنه غير خارج عن الوقف.
فان كان مرددا بين أطراف محصورة فاما التوزيع على نحو الصلح القهري أو القرعة و مع عدم الانحصار يجرى عليه حكم مجهول المالك من التصدق بغلته مع مراجعة الحاكم على الأصح، اما لو علم المصرف و تعذر صرفه فيه فان كان وقفا خاصا و التعذر من جهة انقراض الموقوف عليه و كان الوقف على من يقرض غالبا بطل الوقف و رجعت العين الى الواقف أو إلى ورثته و ان كان على من لا ينقرض عادة فاتفق الانقراض أو كان وقفا على الجهات العامة صرفت غلته في وجوه البر بنظر الحاكم أيضا
و مات أهل الطبقة الأولى لم يكن للثانية فسخها بل و لا لمن بعدها، اما لو آجرها هو أو الطبقة المتقدمة لفائدتهم ثم ماتوا لم تنفذ في بقية المدة و لا يقاس هذا على مالك العين لو آجرها مدة طويلة و مات في أثنائها نعم تنفذ مع الإجازة و تبطل بالرد و يرجع المستأجر على ورثة البطن الموجر بالنسبة و تقدير أهل الخبرة.
ص: 92
و بأي سبب من الأسباب العادية و لا يباع و لا يوهب و لا يرهن و لا يقسم و لكن ليس ذلك على سبيل العلية التامة كما في المسجدية التي عرفت انها كالمشاعر مثل مني و عرفات و نظائرها و كل هذا تحرير من الخالق يوم خلق السماوات و الأرض أو من المخلوق المالك و إمضاء مالك الملك، و قد عرفت ان الحر لا يعود رقاً ابدا، اما الوقف فعدم عوده مالكا على نحو الاقتضاء اي له ذلك بحسب طبيعته و اقتضاء ذاته و لا مانع من عروض سبب أقوى فيرفع ذلك الاقتضاء و يرده إلى أصله من جواز الانتقال أو القسمة أو التبديل و لكن لا يجوز ذلك الا بعد قيام الدليل القاطع و الا فالأصل في جميع موارد الشك هو عدم صحة النقل و الانتقال في مطلق الوقف بخلاف الحبس بأنواعه الثلاثة كما سبق و يأتي إن شاء اللّٰه، و بالجملة فالوقف قيد للملك و قد تعرض أمور ترفع ذلك القيد عنه فاللازم ذكر تلك الأمور التي سطع فيها الدليل الثاقب من نص أو إجماع، و هي أمور تذكر ضمن المواد التالية
كالدار الخربة التي لا يمكن سكناها و لا تعميرها و الحصير البالي و الحيوان المذبوح و أمثال ذلك فإن أمكن بيع البعض و تعمير الباقي به تعين و الا فاللازم بيعها اجمع و حينئذ فإن أمكن ان يشتري بالثمن عينا و لو أقل من تلك العين و توقف على نحو الوقف الأول تعين و الا فإن كان خاصا وزع على الموقوف و ان كان
ص: 93
عاما ففي وجوه البر.
كما لو صارت البستان أرضا لا ينتفع بها منفعة يعتد بها بحيث لو بيعت و بدلت بعين اخرى كان أنفع أو مثل منفعة البستان و جواز البيع هنا غير بعيد و ان كان خلاف المشهور، و اما قلة المنفعة فغير مسوغ للبيع عندهم أصلا.
بحيث يصل الى حال لا يمكن الانتفاع به أصلا أو منفعة لا يعتد بها سواء كان للخلف بين أربابه أو لسبب آخر فإن بقائه في هذه الصور مناف للغرض من بقائه فأدلة المنع منصرفة عنها كل هذا مع العجز عن إمكان تحصيل صورة لبقائه مع الانتفاع به من إجارته مدة لا يخشى عليه منها أو بيع بعض و إصلاح الباقي به.
أو تلف خصوص الوقف فيرجع الى الاولى و (الضابطة) ان كل مورد يكون بقاء الوقف مستلزما لنقض الغرض من بقائه فاللازم الحكم بجواز بيعه كما في الصور المتقدمة و الحكم بصحة البيع في غير ذلك مشكل نعم هنا ثلاث صور لجواز البيع و لكنها من قبيل التخصص و الخروج الموضوعي لا التخصيص (الاولى) ما إذا اشترط الواقف في صيغة الوقف بقاء العنوان كما سبق ذكره فيما لو وقف البستان و اشترط انها وقف ما دامت
ص: 94
بستانا فإنها بزوال هذا العنوان يزول الوقف من أصله و تعود ملكا و إذا باعها فقد باع ملكا لا وقفا و خرج موضوعا لا حكما (الثانية) إذا اشترط في صيغة الوقف ان له ان يبيعه عند قلة المنفعة أو كثرة الخراج أو عند ما يكون بيعه أعود أو عند حاجة الموقوف عليهم و قد يستدل له بحديث وقف أمير المؤمنين عليه السلام ملكه في عين يتبع حيث يقول: و ان أراد الحسن ان يبيع نصيبا من المال ليقضي به الدين فيفعل ان شاء و لا حرج عليه و ان شاء جعله شروى الملك الى قوله: فان باع فإنه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث فيجعل ثلثا في سبيل اللّٰه و يجعل ثلثا في بني هاشم و عبد المطلب و ثلثا في آل أبي طالب- و بقاعدة الوقوف على ما يقفها أهلها و لكن لا دلالة في شي ء منهما اما الحديث فلا ينبغي الريب في ان الامام عليه السلام لم يقصد الوقف و كيف يعقل اجتماع الوقف مع تجويز البيع للحسن متى شاء لا لحاجة و لا لضرورة بل تشهيا و كيفا و بالجملة فما تضمنه الحديث لا يقول به أحد في الوقف و أقصى ما يقوله القائل هو جواز البيع عند الحاجة لا مطلقا و الحديث صريح فيما هو أوسع من ذلك فلا محيص من حمله على إرادة الصدقة بالمعنى العام لا الوقف بمعناه الخاص و منه يعلم الجواب عن قاعدة الوقوف- فتدبره.
(الثالثة) ما لو اشترى حصة مشاعة من ملك فوقها و شفع الشريك فيها فان الوقف يبطل و لو جعلها مسجدا و قلنا بجوازه فلا شفعة و إذا وقع بيع الوقف فاللازم ان يشتري بثمنه المتولي ملكا و يوقف
ص: 95
على نحو الوقف السابق و ذلك في الأربع الاولى اما لو زال الوقف كما في الصورتين الأخيرتين ففي الصورة الاولى و الثالثة ترجع ملكا للواقف أو لورثته و في الثانية يكون حسب الشرط.
و لكن لو دار الأمر بين مراعاة البطن الموجود و مراعاة سائر البطون لو كما احتاج الوقف الى التعمير و توقف على إيجاره مدة طويلة فهل يقدم تعميره بإجارته و حرمان البطن الموجود منها مراعاة للبطون اللاحقة أو يترك تعميره و تدفع الأجرة للموجود مراعاة لحقه وجهان أصحهما تقديم التعمير حفظا للوقف الذي بقاؤه أهم من حق البطن الموجود و لا فرق في ذلك بين اشتراطه تقديم التعمير أو عدم اشتراطه
و قد توسعا و تضيقها مثلا لو وكله على شراء الطعام و علم الوكيل ان ليس غرض الموكل الا الربح و التجارة و ان شراء الطعام فيه خسارة فاحشة و ان الربح في شراء الغنم جاز له مخالفة نص الوكيل في شراء الطعام و ليس للموكل اعتراضه بعد معرفة القصد و الغرض و ثبوت ذلك نعم لو لم يعلم الغرض و لم يجز التعدي و مثل هذا قد يأتي في الوقف فإذا علم ان غرض الواقف بقاء هذه العين لخصوصية فيها لكونها دار آبائه أو كتابا أثريا يريد حفظه لم يجز بيعه إلا إذا كان بقاؤه يستوجب تعجيل تلفه اما لو علم ان ليس غرضه بقاء ذات هذه العين بل الغرض ماليتها و انتفاع الموقوف عليهم بمنافعها
ص: 96
و غلتها فلو قلت منفعة العين عما كانت عليه و كان بيعها أعود و أنفع يمكن القول بجواز بيعها و استبدالها بالانفع و الأعود و لعل هذا وجه ما انفرد به الشيخ المفيد «قده» من جواز البيع لتبديله بما هو أنفع و أصلح و هو وجيه و ربما يحمل عليه بعض الاخبار و لكن لا يصح هذا الا بعد عرض القضية على حاكم الشرع و إحاطته بالموضوع ثم حكمه بالجواز و العدم، و على هذا يتفرع جواز وقف مالية الشي ء من حيث المالية لا من حيث العين و لكنه لو صح فليس هو من الوقف المصطلح و لا من الحبس المعروف بل هي معاملة أخرى و نوع من الصدقة بمعناها العام يمكن دعوى شمول العمومات لها على تأمل واضح
اما قسمة نفس الوقف بين أربابه فالمشهور عدم الجواز مطلقا و استقوى السيد الأستاد (قده) الجواز مطلقا و فصل بعض فأجازها مع تعدد الواقف و الموقوف عليه كما لو اشترك أخوان في دار فوقف كل منهما حصته على أولاده،،، و إذا نظرنا إلى طبيعة الوقف و الأدلة لم نجد فيها ما يمنع القسمة مطلقا و الملاك الذي صح به قسمة الوقف عن الملك يجري
ص: 97
أيضا في قسمة الوقف بين أربابه، و دعوى انه خلاف وضع الواقف غير مفهومة و عهدتها على مدعيها، نعم لو ظهر من الواقف أو علم من حاله ارادة عدم تغييره أو اشترط بقائه على هيئته اتجه المنع و حيث ان الغالب في الواقفين الرغبة في ذلك فالأحوط احتياطا لا يترك عدم القسمة إلا لمثل الأسباب الموجبة للبيع، و إذا استلزمت القسمة رداً فان كان من الوقف لم يصح و ان كانت من الملك للوقف صحت و صار الملك وقفاً و ان كان من مال الموقوف عليه فله ما يقابله
هذا مع الإطلاق و لو شرط الواقف ان لا يوجر أكثر من سنة أو سنتين فآجر المتولي أو المرتزقة أكثر من ذلك بطل الزائد و لا تجدي الحيلة بإيجاره عقوداً متعددة سنتين سنتين لانه خلاف غرض الواقف، و ان وافق لفظه و هو من جملة الشواهد على ان الأغراض تقيد الألفاظ
و في ثبوته بالشاهد الواحد و يمين المدعي خلاف و حيث ان دعوى الوقف ترجع الى المال من حيث تمليك
ص: 98
المنفعة فاللازم ثبوته بذلك بل و بشهادة النساء منضمة الى الرجل و إذا كانوا جماعة فاللازم حلفهم جميعاً و لا يكفي حلف الطبقة الموجودة بل تحلف المتأخرة أيضا عند وصول النوبة إليها و من لا يحلف فلا حق له، و لا أثر للإنكار بعد الإقرار إلا إذا استند الى وجه معقول عند الحاكم
أو في ورقة ما لم يحصل العلم بصحتها أو يحكم حاكم شرع فيها.
إذا لم يعلم مخالفتها لجعل الواقف، فان جعل الواقف كنص الشارع، فلو كان وقف لم تعلم كيفيته و عمل المرتزقة على نحو خاص من ترتيب أو تشريك أو في صرفه بمصرف معين وجب العمل على ذلك ما لم يعلم الخلاف
فان حصل العلم بصدقة فالعمل عليه و الا فلا اثر له لانه صار أجنبياً و إقراره إقرار بحق الغير،
فإن كان بإمضاء أحد حكام الشرع فهو نافذ و دليل على حصول المسوغ و ان كان بدون ذلك فهو محتاج إلى إثبات المسوغ فيجوز للطبقة اللاحقة انتزاعه من المشتري الى ان يثبت و لا اثر لليد هنا لأنها يد وقف فلا تنهض حجة على ضده كما لا يجدي الحمل على الصحة فإنه إنما ينفع في الأعمال المرتبة على الوقف لا فيما يضاد الوقف و ينافيه
ص: 99
فهل يحكم بالوقفية و ينتزع من يد المتصرف أولا بل يحتاج إلى إثبات الوقفية فعلا، و المعروف عند الفقهاء في أمثالها ترجيح اليد الفعلية على الاستصحاب نعم لو أقر ذو اليد بأنها كانت وقفا و عرض المسوغ فاشتراها هو أو مورثه لزمه الإثبات و تؤخذ منه الى ان يثبت
أو علم الأعم و لم يعلم التشريك أو الترتيب فان ثبت إطلاق في كلامه أو كتابته بان قال هو وقف على أولادي و لم يعلم انه قيده بالذكور أو بالترتيب أم لا فالإطلاق يقتضي شموله لهما كما يقتضي التشريك و هكذا كلما شك في قيد و عدمه فالأصل العدم اما إذا لم يحرز الإطلاق فاللازم الرجوع الى الأخذ بالقدر المتيقن فالنصف الذكور متيقن و النصف الثاني مردد بينهم و بين الإناث فاما القرعة و اما القسمة بين الفريقين كما هو القاعدة في كل مال مردد بين اثنين على قاعدة العدل و الصلح القهري و هذا هو الأصح فيكون للذكور ثلاثة أرباع الغلة و للإناث الربع و مثله الكلام في الترتيب و التشريك، نعم لو علم ان مراده من الوقف على أولاده المصرف لا التوزيع و الاستيعاب كان الذكور هو القدر المتيقن و كذلك
ص: 100
الطبقة الاولى في الشك بين الترتيب و التشريك فيلزم الاقتصار عليها، و لو كان الشك على نحو الانحصار كما لو علم انه وقف على الذكور فقط أو الإناث فقط فقد يقال هنا بتعيين القرعة و لكن الأصح عندنا أيضا قسمته على الفريقين و القسمة هنا بالسوية بقاعدة العدل أيضا كما سبق.
لاعتبار قيد أو خصوصية فالأصل عدم كونه منهم فلو شك مثلا ان المدرسة موقوفة على طلبة الفقه أو على عموم الطلاب فلا يجوز لغير طالب الفقه ان يسكن فيها و هكذا.
فان كان يرجى حصول مشتغل فيهم بقي وقفا و يؤجر الى ان يحصل المشتغل و يدفع له و ان كان لا يرجى صار من المنقطع الآخر و الأصح ان ترجع القضية إلى الحاكم فاما ان يجعله وقف لسائر المشتغلين أو في وجوه البر أو غير ذلك من المصالح العامة أو يرده ملكا لبعض الخصوصيات المقامية،
كالأنعام الثلاثة أو النخيل لم يجب الزكاة فيها على الموقوف عليهم حتى لو بلغت حصة كل واحد منهم النصاب اما ثمراتها فان كانت موقوفة مع أمهاتها فكذلك و الا وجبت فيها الزكاة إذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب، أما الأوقاف العامة كالوقف على الفقراء، فان كان
ص: 101
على نحو الشركة و الاستيعاب ففي عائدها الزكاة عند حصول تمام الشرائط لكل واحد منهم و ان كان على نحو المصرف فلا يجب إلا إذا بلغت حصة كل واحد منهم النصاب بعد القسمة و القبض مع اجتماع الشرائط و إذا انحصر الموقوف عليهم في عدد معين كواحد يكون هو المالك فتجب عليه الزكاة إذا اجتمعت الشرائط.
و الجميع يشترك في ان فائدتها التسليط على المنفعة مجانا مع بقاء الملك للمالك و يفترق بعض عن بعض ببعض الخصوصيات و التحبيس يعم الجميع فالسكنى تختص بما يسكن من دار و نحوها و هي من حيث الأمد عامة و العمرى و الرقبى خاصان من حيث الأمد و الوقت، فالعمرى ما قرنت بعمر أحدهما أو عمر أجنبي و الرقبى ما قرنت بأمد يرتقب انتهاؤه، و هما عامان من حيث الموضوع فيعمان ما يسكن و غيره كالعبد و الدابة و الفرش.
من العقل و البلوغ و الرشد و الاختيار و الملك و عدم الحجر- الإيجاب و القبول و القبض ان كان على شخص أو أشخاص اما على الجهات العامة كما لو حبس عبده على خدمة المساجد أو المشاهد فلا يعتبر
ص: 102
قبول و لا قبض بل يتحقق بالإيجاب مع النية و قصد التقرب، فيقول في الإيجاب أسكنتك داري مدة عمرك أو مدة عمري أو عشر سنين فان لم يعين و أطلق صحت و كان للمالك الفسخ و الرجوع متى شاء
إذا تمت الشرائط كان كل واحد منها لازما إلى الأمد المجعول في الصيغة فان كان زمانا معيناً كعشر سنين و مات المالك في أثنائها انتقلت العين الى ورثته مسلوبة المنفعة بقية المدة و ان مات المحبس عليه انتقلت بقية المدة إلى ورثته، و ان كان الأمد عمر المالك فمات انتهى التحبيس و انتقلت الى ورثته و كذلك ينتهي بموت المحبس عليه و ان كان الأمد عمره و في صورة العكس تنتقل العين مسلوبة المنفعة و تنتقل المنفعة لوارث المحبس عليه و في صورة الإطلاق و عدم تعيين أمد تبطل بموت كل واحد منهما.
كزوجته و ولده و خادمه و ضيفه و ليس له ان يسكن معه أجنبياً و لا بأجرة و لا مجانا، و للمالك ان يتصرف في رقبة العين المحبسة بأنواعها كيف شاء من أنواع التصرف بيعاً و هبة و غيرهما اما الرهن فمشكل و اما الإجارة فإن كان بالنسبة الى ما بعد الأمد فجائز و اما بالنسبة إلى مدة الحبس التي نقل المنفعة فيها الى غيره فباطل إلا إذا ملكه المنفعة مطلقا فهو فضولي.
ص: 103
قد كتبه مؤلفه سماحة الامام على نحو الإيجاز و الادماج و بأساليب المتن و فيه فروع كثيرة و مواد غريزة يحتاج الى الشرح و البسط و الاستنباط و التحليل مع الإشارة إلى المدارك و الدليل فيكون من أنفس الكتب في بابه و قد استوفى هذا الجزء على اختصاره عامة أبواب الأحوال الشخصية عدا كتاب الإرث و لعل سبب إهماله ان عامة مسائله متفق عليها بين الإمامية و فقهاء المذاهب و مواضع الخلاف محدودة معروفة- كمسألة العول و التعصيب و الحبوة و حرمان الزوجة من الأرض و أمثالها مما لعله لا يبلغ العقد الأول مضافاً الى كثرة ما الف فقهاء الإمامية في الفرائض و المواريث من الرسائل الموجزة و المبسوطة فضلا عما اشتملت عليه كل المتون و الشروح المستوعبة لسائر كتب الفقه من أول العبادات إلى أخر الحدود و الديات و قد ألفت في هذا العصر رسائل مخصوصة في الفرائض و المواريث مثل رسالة (أحسن الحديث في الوصايا و المواريث) لحجة الإسلام العلامة إلا وحد
ص: 104
الشيخ احمد آل كاشف الغطاء «قده» شقيق سماحة الإمام فإنه على و جازته من أحسن ما رشحت به أقلام الاعلام من المتأخرين و أوسع من هذا و اجمع ما ألفه معالي الوزير الحاج محمد حسن كبه دام علاء في كتابه الواسع (الأحكام الشرعية) فإنه يغادر صغيرة و لا كبيرة من فروع المواريث الا أحصاها مع الإتقان و حسن التحرير و وضوح الجداول و متانتها التي تسهل المصاعب و تقلل المتاعب و تحلل المسائل الحسابية من أقرب الطرق و أسهلها و قد طبع هذا الأثر الجليل سنة 1350 في مطبعة العمارة و طبعت رسالة «أحسن الحديث» المتقدمة في مطابع النجف سنة 1341 فمن أراد الإيجاز كفته هذه الرسالة و من أراد البسط فعليه بذلك الكتاب.
«و القصارى» ان هذا الجزء الخامس الملحق (بتحرير) المجلة قد حوى على اختصاره تحقيقات عميقة و مباحث رشيقة هي من مبتكرات رشحات يراعه الفياض، و بذلك على ذلك مقدمة كتاب النكاح فقد أبدع فيه غاية الإبداع و أبدى الحكمة في مشروعيته و فلسفة الاهتمام به و الوجه في تسمية الرجل المتزوج زوجا و قد كان فردا أوضح كل هذا باجلى وجه و أعلى بيان فطالعه بدقة و إمعان، حتى تتذوق حلاوته.
ان سماحة المؤلف ذكر في اخريات الجزء الأول كالوعد بان يتعرض في الاجزاء التالية لبعض القواعد العامة التي ذكرها
ص: 105
(نجيم المصري) في كتاب (الأشباه و النظائر) و لكن كان هذا في بداية العمل يوم كان البناء على توسعة هذا المؤلف إلى ستة أجزاء أو ثمانية و حيث ان الأوضاع العالمية و أزمة قلة الحاجات و ارتفاع أسعارها ارتفاعا فاحشا و فوق الحسبان قد حالت دون تلك الأماني و اقتصر على ذكر الأهم فالأهم من تحرير المجلة و ملحقها و على العلات فقد تدارك ذلك و القى علينا نبذة من القواعد التي استنبطها من متفرقات أبواب الفقه و كلمات الفقهاء و لم ينفق أو يتوفق لاستخراجها و جمعها سواه، و نحن إكمالا للفائدة و حرصا على جميع عوارفه و طرائفه نذكرها هنا سردا كي تنضم الى القواعد التي استدركها على المجلة و أوردها في اوليات الجزء الأول و لكن أكثرها مسطورة في كتب فقهاء الإمامية، اما هذه فأكثرها من مبتكراته و قد يوجد بعضها في كتب بعضهم و نحن نذكرها غفلا من غير تعليق و لا تنسيق و هي قواعد نفيسة و نافعة يستريح إليها الفقيه و المتفقة في استخراج حكم كثير من الفروع الجزئية التي ينطبق عليها قاعدة من تلك القواعد الكلية و التخريج و التطبيق، موكول الى أهل الفضل و التحقيق، و هي أيضا محتاجة إلى الشرح و التوضيح.
1 الدواعي لا تقيد الأسباب 2 كل وقف زال نفعه، جاز بيعه 3 كلما جاز إجارته جاز وقفه و مالا فلا 4 كل من ادعى مالا بلا معارض فهو له و ان لم يكن له
ص: 106
5 كل من يقبل قوله فلا بد معه من اليمين إلا في موارد 6 حكم التحالف فسخ أو تراد أو تقسيم 7 الحرام لا يحرم الحلال 8 الرضاع يحرم سابقا و لاحقا 9 كل مقبوض بإذن الشارع أو المالك لا يضمن إلا بالتعدي و كل مقبوض بدون أحدهما مضمون مطلقا 10 الضمان اشغال ذمة نفسه عن الغير، و الحوالة اشغال ذمة الغير عن نفسه 11 لا يمين على المدعى الا في ثلاثة مواضع، الاستظهار، اليمين المردودة القسامة 12 كل وطي بلا عقد و لا زنا فمهر المثل و مع العقد و التسمية فالمسمى و الا فمهر المثل، الزاني باغي و لا مهر لبغي 13 كل عقد أو وطي لذات بعل أو معتدة مع العلم بالحكم و الموضوع يوجب التحريم الأبدي بخلاف العقد وحده مع الجهل 14 كل طلاق ليابسه أو صغيرة أو قبل الدخول فلا عدة له 15 كل من مات عنها زوجها فعليها العدة مطلقا 16 كل مال مردد بين افراد فإن كانت محصورة فالقرعة أو القسمة صلحا قهريا و الا فهو مجهول المالك 17 كل وصي ليس له ان يوصى لغيره الا مع اذن الموصى
ص: 107
17 كل وصي ليس له ان يوصي غيره الا مع اذن الموصي 18 كل وقف و مال ميت لا ولي له فالولاية لحاكم الشرع 19 الولاية في كل حسبة لحاكم الشرع أو مأذونه.
20 كل متولي ينعزل بالخيانة.
21 كل من نصبته الامانة عزلته الخيانة 22 كل قاصر فولايته لأبيه وجده الا من عرض له السفه أو الجنون بعد بلوغه فولايته لحاكم الشرع.
23 ولاية الأب و الجد عرضية ينفذ السابق و مع الاقتران و التنافي فالبطلان.
و إذا ألحقنا هذه القواعد بالقواعد التي استدركها سماحة الامام على المجلة الجزء الأول و هي اثنان و ثمانون يبلغ المجموعة مائة قاعدة و خمس، و بضميمة الملخص من المائة قاعدة المذكورة في أصل المجلة البالغة خمس و أربعين بعد إرجاع بعضها الى بعض و حذف المكرر يبلغ المجموع مائة و خمسين قاعدة كلية يرجع إليها الفقيه في كثير من الفروع و يستريح إليها و تجد هذه القواعد قليلة الألفاظ كثيرة المعنى غزيرة المادة و هي تشبه ما وجدناه له في بعض مجاميعه من الكلمات القصار المبنية على الحكم العالية و المعارف السامية و فصاحة الأسلوب و براعة اللفظ- مثل قوله دامت بركاته- لو لا سبق الوجود على العدم لما وجد شي ء.
ص: 108
و هذه الجملة تنطوي مع و جازتها على أقوى براهين التوحيد و اسمى قواعد الفلسفة العالية و إثبات الصانع يعرف ذلك اهله و مثل قوله يستطيع الإنسان ان يصير ملكا، و لا يستطيع الملك ان يصير إنسانا.
و مثل قوله: القوة في الحق و ليس الحق في القوة.
و أعلى من هذا قوله دام ظله: الحق اعمى حتى تأتي القوة فتقوده.
و قد ابتكر هذا المعنى ابتكاراً و صاغه أبدع صياغة و أصاب به هدف الحقيقة.
و مثل قوله: خلق اللّٰه الأكل للإنسان و ما خلق الإنسان للأكل.
و قوله: النعم إذا شكرت كثرت، و إذا كفرت فرت.
الى كثير من نظائر هذا مما لا مجال لإحصائه هنا، و انما ذكرنا هذا القبس من ذلك النور على سبيل النموذج و الطليعة و كل مؤلفاته تشهد بما منحه اللّٰه من براعة الإنشاء و سحر البيان الذين بذ فيه السابق و اللاحق و تفرد بذلك في عصره و حيث ان جميع مؤلفاته ممتعة و عالية وجدنا من تمام الفائدة و كمال المنفعة الإشارة الى كل واحد منها و بيان المطبوع منها و غير المطبوع و تاريخ طبعه و البلد التي طبعت فيه كل ذلك في ضمن هذه:
ص: 109
و رتبناه على أبواب العلوم
(1) الآيات البينات يشتمل على ثلاث رسائل رد الطبيعية، نقض فتاوى الوهابية، مزخرفات البهائية.
طبع في مطابع النجف سنة 1345 «2» الدين و الإسلام.
طبع الأول و الثاني منه في مطبعة دار السلام بغداد سنة 1329 ثم صودر القسم الأكبر منهما أيام سلطة الأتراك و ولاية ناظم باشا على العراق ثم طبع ثانيا في صيدا الأول ثم الثاني في ما بعد الثلاثين و الف و ثلاثمائة.
«3» الدين و الإسلام الجزء الثالث و الرابع لم يطبعا و أكثر موادهما موجودة.
«4» أصل الشيعة و أصولها طبع في صيدا مرتين و نفذت نسخهما و لو طبع عشر مرات لنفذ لشدة الطلب. و يوشك ان يطبع الطبعة الثالثة «5» المراجعات الريحانية جزءان طبع الأول في بيروت و الثاني في صيدا حدود 1331 «6» التوضيح جزءان طبع الأول في صيدا و الثاني في بغداد
ص: 110
سنة 1347 «7» الميثاق العربي الوطني طبع في النجف فهذه عشرة مجلدات مطبوعة كلها في الحكمة و العقائد و أصول المعارف.
اما غير المطبوع منها.
«11» الدروس الدينية. رتبه دروساً في العقائد لطلاب مدرسته و أشار فيه الى الأدلة بأسلوب بديع.
«12» حواشي على الاسفار و الهداية الاثرية.
«13» حواشي على العرشية و رسالة الوجود له أيضا.
المطبوع منها.
«1» حاشية مفصلة على تبصرة العلامة طبعت في بغداد سنة 1338 يسعى جماعة من الذين رجعوا اليه بالتقليد في ذلك العهد.
«2» سؤال و جواب في الفتاوى الفقهية طبعت في النجف سنة 1350 ثم طبعت ثانيا سنة 1355 «3» وجيزة الاحكام دورة فقه تامة و كمتن من المتون الفقهية و رسالة عملية للمقلدين طبعت في النجف سنة 1360 «4» حاشية على عين (الحياة) الفارسية لأخيه المرحوم حجة الإسلام الشيخ احمد رضوان اللّٰه عليه طبعت في الهند
ص: 111
سنة 1345 «غير المطبوع» شرح مبسوط على «العروة الوثقى» لاستاذه حجة الإسلام آية اللّٰه السيد محمد كاظم الطباطبائي برز منه الى المبيضة مجلدان كتاب الطهارة و كتاب الصلاة فيه تنقيح و تحرير للأدلّة الفقهية بأسلوب بكر و تحرير بديع.
«6» حاشية مبسوطة على مكاسب الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره في المكاسب المحرمة و البيع و الخيارات.
«7» حواشي و فتاوى على العروة الوثقى أيضاً يرجع إليها المقلدون.
«8» حواشي على كتاب (سفينة النجاة) لأخيه المتقدم و هو كتاب جليل دورة فقه تام و قد علق عليه سماحة الامام و هو مجلدان كبيران طبع الأصل في النجف سنة 1338 و لم يطبع التعاليق عليه الى الآن.
«9» رسائل متفرقة في جملة من مشكلات الفقه.
(علم الأصول) غير المطبوع «1» (تنقيح الأصول) متن على نحو الكفاية و فيه تحرير جديد لفن الأصول.
ص: 112
«2» حواشي على رسائل الشيخ المرتضى الأنصاري أعلى اللّٰه مقامه.
«3» حواشي على كفاية أستاذه آية اللّٰه الخراساني أعلى اللّٰه مقامه.
«4» رسالة في الجمع بين الأحكام الظاهرية و الواقعية و مراتب الحكم.
«5» حواشي على القوانين و الفصول.
(فن الأدب و علوم العربية) «1» سحر بابل و ترجمة الاعلام و الأفاضل طبع في صيدا سنة 1331 و المقدمة و جميع ما فيه من التراجم هي من قلمه الفياض و كذلك تعاليق السيد الحبوبي المطبوع في بيروت بذلك التاريخ و وساطة القاضي الجرجاني.
غير المطبوع «2» مغني الغواني عن الأغاني اختصر كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني عشرين جزءاً في مجلد واحد كبير و اختار منه كل ما فيه من شعر بديع و قصة رائعة بحذف الأسانيد و المكررات و قدم له مقدمة بارعة و الحق به فوائد جليلة، و في الحق انه كنز من كنوز الأدب و هو موجود في مكتبته العامة مبيضا بقلمه الفنان.
«2» مجموعة منتخبة من شعره الذي أنشد في عصر الشبيبة قبل ان يراهق و سماه (الأحسن من شعر الحسين)
ص: 113
«3» منتخب من شعره في سفره و حضره الذي أنشأه بعد العشرين من عمره الى الثلاثين و سماه (العصريات و المصريات) «4» (نهزة السفر و نزهة السمر) رحلته الى سوريا و الحجاز بقصد الحج سنة 1339 و هي مجموعة مشحونة بالفوائد العلمية و المطارح الأدبية.
«5» تعاليق على أمالي السيد المرتضى المطبوع في مصر الطبعة القديمة.
«6» تعاليق على أدب الكاتب لابن قتيبة و شرحه للسيد البطليوسي فيها تحقيقات نفيسة في العربية.
«7» مجموعة فيما اختاره من الإشعار القديمة و الحديثة و الخطب البليغة و الكلمات القصار من الأئمة المعصومين من فارسي و عربي ابتدأ بجمعها سنة 1320 و قال في مقدمتها بعد الحمد و البسملة، هذه الكناشة مما جمعه بقلمه العبد محمد الحسين آل كاشف الغطاء عند التماس ترويح النفس و إجمام الخاطر، و تحميض الذوق مما لم اعتمده قصدا، و لا قصدته ثواً و انما جاء عفواً، و حصل اتفاقا فاني كنت عند سير بعض الاسفار و تقليب بعض المؤلفات الأدبية، إذا استحسنت شاردة أو ظفرت بنادرة من أبيات حكمة أو عظة بالغة أو نسيب يلعب بالالباب قيدت شاردها حذراً من ان تند عن الخاطر الى آخر ما نمق تراعه.
ص: 114
«8» مجموعة ثانية ابتدأ بجمعها سنة الثلاثين بعد الالف و الثلاثمائة عند سفره الى مصر و الحجاز و فيها مضافا الى الشعر الرائق العالي تحقيقات دقيقة و مباحث عميقة في الحكمة و العرفان و التصوف باللغتين العربية و الفارسية.
«9» ثالثة مبوبة ذات فصول و عناوين سماها طرائف الحكم «10» رحلته إلى إيران لزيارة الامام الرضا عليه السلام سنة 1352 «11» رسالة سماها (عقود حياتي) ذكر فيها ترجمة حياته و ما شاهد فيها من الحوادث المهمة من العقد الأول إلى بدء العقد السابع.
«12» مجموعة كبيرة واسعة سماها (دائرة المعارف الصغرى) جمع فيها أنفس ما سئل عنه في الحكمة و الكلام، و أسرار الشرائع و الاحكام و فلسفة الإسلام مضافا الى الفتاوى الفقهية التي سئل عنها مع أجوبتها الضافية، و هذه المجموعة من أنفس مجاميعه و هي بحر متلاطم الأمواج.
(الكتب التي ترجمها من الفارسية إلى العربية) «1» كتاب (فارسي هيئة) في الهيئة القديمة و كان يدرس في النجف بعد (تشريح الأفلاك) للشيخ البهائي نقله إلى العربية أحسن نقل حتى كأنه من رأسه.
«2» رحلة (ناصر خسرو) العلوي من وطنه بلخ الى
ص: 115
الحجاز سنة 437 و تمام سفره الى سبع سنوات مر على عواصم الإسلام كمصر و سوريا و فلسطين و وصفها أبدع وصف و قد ترجمها سماحته باختصار.
«3» رسالة (حجة السعادة. في حجة الشهادة) تأليف (صنيع الملك) ألفها بطلب مخدومه (السلطان ناصر الدين شاه) حيث اقترح عليه ان يشرح له وضعية العالم و الممالك و الأمم في سنة احدى و ستين التي وقعت فيها حادثة الطف مع ذكر الشهادة و وصفها من كتب الأجانب فجمع و اتفق و أبدع فيما جمع.
و قد نقل سماحته جملة مهمة منها مع المحافظة على الأصل.
لو جمعت جميع خطبه التي ارتجلها في المجتمعات العامة و النوادي الحافلة و الجموع المحتشدة، لجاءت بأكبر كتاب يشتمل على أكثر من مائة خطبة و كان سماحته إذا رقى المنبر ينصب مثل السيل المنحدر بأفصح بيان يخترق الاسماع الى القلوب و يخلب الألباب و لا ينقطع بأقل من الساعتين أو ثلاث ففي سفره الى المؤتمر الإسلامي في القدس لم يدخل عاصمة من عواصم الإسلام إلا و اجتمع الناس عليه و خطب عليهم الخطب البليغة من بغداد و الشام و بيروت و صيدا و صور و حيفا و جنين و القدس ذهابا و إيابا و خطب عند رجوعه من المؤتمر في الحسينية الكبرى في الكرخ الليلة الرابعة من شهر رمضان زهاء أربعة ساعات و كان ذلك النادي الحسيني قد غص بالمستمعين
ص: 116
من أكابر الرجال ثم خطب في كربلاء كذلك و في النجف في المسجد الهندي ثم في شوال في مسجد الكوفة و على هذا المنوال سفره الى إيران لزيارة الامام الرضا عليه السلام فقد خطب في همدان و شيراز و المحمرة و عبادان و البصرة و الناصرية و الديوانية و الحلة و لكن من الأسف انه لم يطبع من تلك الخطب النفيسة إلا النزر القليل نذكرها فيما يلي:
(خطبة فلسطين التاريخية) طبعت في بيت المقدس رجب سنة 1350 (خطبة الاتحاد و الاقتصاد) في جامع الكوفة طبعت منفردة في النجف شوال سنة 1350 ثم طبعت هي و خطبة فلسطين في البصرة ثانيا.
(الخطب الأربع) طبعت في النجف في مطبعة الراعي سنة 1353 (نبذة من السياسة الحسينية) ألقاها كخطبة في بيان الحكم و الاسرار التي توخاها سيد الشهداء سلام اللّٰه عليه بحمل عيالاته المخدرات و تعريضهن للسبي و هي فريدة في بابها و قد طبعت في النجف مرتين و نفذت.
ثم في هذه السنوات الأخيرة تدافع تيار علمه بهذه الاصداف المشحونة بالليالي المكنونة و هو كتاب (تحرير المجلة) الذي
ص: 117
هو «حقه» مفخرة من مفاخر هذا العصر شرع في الجزء الأول سنة 1359 ثم تلاه الثاني سنة 1360 و الثالث 1361 و أتم الرابع و الخامس سنة 1362 و كان الطبع و النشر مساوقا للتأليف فكان تمام تأليفه مع تمام طبعه.
و من يتدبر في الأوضاع العالمية هذه السنوات و ارتباك الأفكار فيها و قلق النفوس و ذهول الألباب و تعسر عموم الحاجات خاصة أدوات الطبع و لوازمه من الورق و غيره لا يشك بأن تأليف مثل هذه الموسوعة و سرعة نشرها في هذه الظروف القاسية ممتدين من عناية ازلية و مدفوع بيد غيبية و ان همم الرجال تقلع الجبال، نعم و من يتدبر كثرة مؤلفاته التي تربو على الثمانين مما ذكرناه و ما لم نذكره لعدم عثورنا عليه فان له مؤلفات هو حريص على كتمانها حسب الظروف، نعم من يستقصي تلك النفائس الجليلة مع كثرة إشغاله اليومية من تدريس و فتوى و حل الخصومات و المرافعات من النجف و خارجه و اقامة الجماعة و أمثال ذلك من الأعمال التي لا محيص له عنها، و لا معول على سواء فيها.
و الشهرة بلاء. و قديما قيل: لا يزال الرجل لنفسه فإذا عرف كان لغيره، من نظر الى هذه النواحي من المواهب و أنصف يتجلى له ان هذه الشخصية المباركة من الطراز الأول من الأساطين كالشيخ المفيد و السيد المرتضى و الشيخ الطوسي الذين لم تزل آثارهم منشورة، و خدماتهم للدين مشكورة، و في بعض الكتب
ص: 118
السماوية: (من ثمارهم تعرفونهم) و هذه آثاره النافعة، و ثماره اليانعة. سارت مسير الشمس في أقطار الأرض. فهو أدام اللّٰه بركات وجوده من افذاذ الدهر و نوابغ العالم و اليه المفزع في المشكلات. و يحق ان تكون له الزعامة الدينية. و تقصر عليه المرجعية العامة في عموم المسلمين فضلا عن هذه الطائفة. و ما ذكرنا ذلك الا مصارحة بالحق و خدمة للحقيقة. و اللّٰه الموفق للصواب و منه المبدء و اليه المآب.
صفحة سطر خطأ صواب 31 11 العدة أو العدة الرجعية أو